التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ
٤٦

الدر المصون

قوله: { بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى }: قرأ نافعٌ وهشام "بخالصةِ ذكرَى" بالإِضافة. وفيها أوجه، أحدُها: أَنْ يكونَ أضافَ "خالصة" إلى "ذكرَى" للبيانِ؛ لأنَّ الخالصةَ تكونُ ذكرى وغيرَ ذكرْى كما في قولِه: { { بِشِهَابٍ قَبَسٍ } [النمل: 7] لأنَّ الشهابَ يكونُ قَبَساً وغيرَه. الثاني: أنَّ "خالصةً" مصدرٌ بمعنى إخلاص، فيكون مصدراً مضافاً لمفعولِه، والفاعلُ محذوفٌ أي: بأَنْ أَخْلَصوا ذكرى الدار وتناسَوْا عندها ذِكْرَ الدنيا. وقد جاء المصدرُ على فاعِلة كالعافِية، أو يكونُ المعنى: بأَنْ أَخْلَصْنا نحن لهم ذكرى الدار. الثالث: أنها مصدرٌ أيضاً بمعنى الخلوص، فتكونُ مضافةً لفاعِلها أي: بأنْ خَلَصَتْ لهم ذِكْرَى الدار.
وقرأ الباقون بالتنوينِ وعَدَمِ الإِضافة. وفيها أوجهٌ، أحدها: أنها مصدرٌ بمعنى الإِخْلاص فيكون "ذكرى" منصوباً به، وأنْ يكونَ بمعنى الخُلوص فيكون "ذكرى" مرفوعاً به كما تقدَّم ذلك، والمصدرُ يعملُ منوَّناً كما يَعْمَلُ مضافاً، أو يكونُ "خالصة" اسمَ فاعلٍ على بابِه، و"ذكرى" بَدَلٌ أو بيانٌ لها، أو منصوبٌ بإضمارِ أَعْني، أو مرفوع على إضمار مبتدأ. و"الدار" يجوز أن يكونَ مفعولاً به بذكرى، وأن يكونَ ظرفاً: إمَّا على الاتِّساعِ، وإمَّا على إسقاط الخافض، ذكرهما أبو البقاء. وخالصة إذا كانَتْ صفةً فهي صفةٌ لمحذوفٍ أي: بسببِ خَصْلَةٍ خَالصةٍ.