التفاسير

< >
عرض

تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
١
-الزمر

الدر المصون

بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: { تَنزِيلُ }: فيه وجهان، أحدهما: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ تقديرُه: هذا تنزيلُ. وقال الشيخ: "وأقولُ إنه خبرٌ، والمبتدأ "هو" ليعودَ على قولِه:
{ { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ص: 87] كأنه قيل: وهذا الذِّكْرُ ما هو؟ فقيل: هو تنزيلُ الكتابِ". الثاني: أنه مبتدأٌ، والجارُّ بعده خبرُه أي: تنزيلُ الكتابِ كائنٌ من اللَّهِ. وإليه ذهب الزجاج والفراء.
قوله: "مِنَ اللَّهِ" يجوزُ فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه مرفوعُ المحلِّ خبراً لتنزيل، كما تقدَّم تقريرُه. الثاني: أنه خبرٌ بعد خبرٍ إذا جَعَلْنا "تنزيلُ" خبرَ مبتدأ مضمرٍ كقولك: "هذا زيدٌ من أهل العراق". الثالث: أنَّه خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: هذا تنزيلٌ، هذا من الله. الرابع: أنَّه متعلِّقٌ بنفسِ "تَنْزيل" إذا جَعَلْناه خبرَ مبتدأ مضمرٍ. الخامس: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ "تنزيل" عَمِل فيه اسمُ الإِشارةِ المقدرُ، قاله الزمخشري. قال الشيخ: "ولا يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً عَمِلَ فيها معنى الإِشارةِ؛ لأنَّ معانيَ الأفعالِ لا تعمل إذا كان ما هي فيه محذوفاً؛ ولذلك رَدُّوا على أبي العباس قولَه في بيت الفرزدق:

3884 ـ ......................... وإذ ما مثلَهمْ بَشَرُ

إن "مثلهم" منصوبٌ بالخبرِ المحذوف وهو مقدرٌ: وإذ ما في الوجود في حالِ مماثلتِهم بَشَرٌ. السادس: أنه حالٌ من "الكتاب" قاله أبو البقاء. وجاز مجيءُ الحالِ من المضاف إليه لكونِه مفعولاً للمضافِ؛ فإنَّ المضافَ مصدرٌ مضافٌ لمفعولِه. والعامَّةُ على رَفْع "تَنْزيلُ" على ما تقدَّم. وقرأ زيد ابن علي وعيسى وابن أبي عبلة بنصبِه بإضمارِ فِعْلٍ تقديرُه: الزَمْ أو اقْرَأ ونحوهما.