التفاسير

< >
عرض

يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
١١٠
-الأعراف

الدر المصون

وفي الشعراء: "بسحره" وهنا بدون "ذلك". قالوا: لأنَّ أولَ هذه الآيةِ مبنيٌّ على الاختصار.
قوله: { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } قد تقدَّم الكلامُ على "ماذا" مُسْبَقاً في أول هذا التصنيف. والجمهور على "تأمرون" بفتح النون. وروى كردم عن نافع كسرَها. وعلى كلتا القراءتين يجوز أن يكونَ "ماذا" كلُّه اسماً واحداً في محل نصب على أنه مفعول ثان لـ "تأمرون" بعد حَذْفِ الياء، ويكون المفعول الأول لـ "تأمرون" محذوفاً وهو ياءُ المتكلم، والتقديرُ: بأيِّ شيء تأمرونني؟ وعلى قراءة نافع لا تقول: إن المفعولَ الأولَ محذوفٌ بل هو في قوة المنطوق به؛ لأن الكسرةَ دالةٌ عليه، فهذا الحذفُ غيرُ الحذفِ في قراءة الجماعة. ويجوز أن تكونَ "ما" استفهاماً في محلِّ رفعٍ بالابتداء و "ذا" موصول، وصلتُه "تأمرون"، والعائدُ محذوفٌ، والمفعولُ الأولُ أيضاً محذوف على قراءة الجماعة، وتقدير العائد منصوبُ المحل غيرُ مُعَدَّى إليه بالباء فتقديره: فما الذي تأمرونيه؟
وقدَّره ابن عطية: "تأمروني به"، وردَّ عليه/ الشيخ بأنه يلزم من ذلك حَذْفُ العائد المجرور بحرفٍ لم يُجَرَّ الموصولُ بمثله، ثم اعتَذَر منه، بأنه أراد التقدير الأصلي، ثم اتُّسِعَ فيه بأنْ حُذِف الحرف فاتصل الضميرُ بالفعل. وهذه الجملةُ هل هي من كلام الملأ، ويكونون قد خاطبوا فرعون بذلك وحده تعظيماً له كما يُخاطَبُ الملوك بصيغة الجمع، أو يكونون قالوه له ولأصحابه، أو يكون من كلام فرعون على إضمار قولٍ أي: فقال لهم فرعونُ فماذا تأمرون، ويؤيِّد كونَها من كلام فرعون قولُه تعالى: "قالوا: أرْجِهْ".
وهل "تأمرون" من الأمر المعهود أو من الأمر الذي بمعنى المشاورة؟ والثاني منقولٌ عن ابن عباس. وقال الزمخشري: "هو مِنْ أمَرْتُه فأمرني بكذا أي: شاورته فأشار عليَّ برأي".