التفاسير

< >
عرض

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
١٣٣
-الأعراف

الدر المصون

قوله تعالى: { ٱلطُّوفَانَ }: فيه قولان أحدهما: أنه جمع طُوْفانة، أي: هو اسم جنس كقمح وقمحة وشعير وشعيرة. وقيل: بل هو مصدر كالنُّقْصان والرُّجْحان، وهذا قول المبرد في آخرين، والأول هو قول الأخفش قال: "هو فُعْلان من الطَّواف، لأنه يطوف حتى يَعُمَّ، وواحدته في القياس طُوْفانة، وأنشد:

2279ـ غَيَّرَ الجِدَّةَ من آياتها خُرُقُ الريحِ وطوفانُ المَطَرْ

والطُّوفان: الماء الكثير قاله الليث، وأنشد للعجاج:

2280ـ وعَمَّ طُوفانُ الظلامِ الأَثْأَبا

شبَّه ظلامَ الليل بالماء الذي يغشى الأمكنة. وقال أبو النجم:

2281ـ ومَدَّ طوفانٌ مبيدٌ مَدَدا شهراً شآبيبَ وشهراً بَرَدا

وقيل: الطُّوفان من كلِّ شيءٍ ما كان كثيراً محيطاً مُطْبقاً بالجماعة من كل جهة كالماء الكثير والقتل الذريع والموت الجارف، قاله ابو إسحاق. وقد فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بالموتِ تارةً وبأمرٍ من الله تارة، وتلا قولَه تعالى: { { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ } [القلم: 19]. وهذه المادة وإن كانت قد تقدَّمت في "طائفة" إلا أن لهذه البِنْية خصوصيةً بهذه المعاني المذكورة.
قوله: { وَٱلْجَرَادَ } جمع جَرادة، الذَّكَرُ والأنثى فيه سواء. يقال: جرادة ذََكَرٌ وجرادة أنثى كنملة وحمامة. قال أهل اللغة: وهو مشتق من الجَرْد، قالوا: والاشتقاق في أسماء الأجناس قليلٌ جداً يقال: أرض جَرْداء أي: مَلْساء، وثوب جَرْد: إذا ذهبَ زِئْبَرُه.
قوله: { وَٱلْقُمَّلَ } قيل هي: القِرْدان وقيل: دوابُّ تشبهها أصغرَ منها. وقيل: هي السُّوس الذي يخرج من الحنطة. وقيل: نوع من الجراد أصغر منه. وقيل: الحِمْنان الواحدة حِمْنانة نوع من القِرْدان. وقيل: هو القُمَّل المعروف الذي يكون في بدن الإِنسان وثيابه. ويؤيد هذا قراءة الحسن "والقَمْل" بفتح القاف وسكون الميم فيكون فيه لغتان: القُمَّل كقراءة العامة، والقَمْل كقراءة الحسن البصري. وقيل: القمل: البراغيث. وقيل: الجِعلان.
قوله: { وَٱلضَّفَادِعَ }: جمع ضِفْدَع بزنة دِرْهم، ويجوز كسر دالِه فيصير بزنة زِبْرِج وقد تُبْدَلُ عينُ جمعه ياء/ كقوله:

2282ـ ومَنْهَلٍ ليس له حَوازِق ولِضفادي جَمِّه نقانِقُ

وشَذَّ جمعُه أيضاً على ضِفْدَعان، والضِّفدع مؤنث وليس بمذكر. فعلى هذا يُفَرَّق بين مذكَّره ومؤنثه بالوصف. فيقال: ضفدع ذَكَر وضفدع أنثى، كما قلنا ذلك في المتلبِّس بتاءِ التأنيث نحو حمامة وجرادة ونملة.
قوله: { آيَاتٍ } منصوب على الحال من تلك الأشياء المتقدمة أي: أَرْسَلْنا عليهم هذه الأشياءَ حالَ كونِها علاماتٍ مميَّزاً بعضها من بعض.