التفاسير

< >
عرض

وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ
٥٨
-الأعراف

الدر المصون

والبلد يُطْلَقُ على كل جزءٍ من الأرض عامراً كان أو خراباً، وأنشدوا على ذلك قولَ الأعشى:

2221ـ وبلدةٍ مثلِ ظَهْر التُّرْسِ مُوْحشةٍ للجنِّ بالليل في حافاتِها زَجَلُ

و { بِإِذْنِ رَبِّهِ } يجوز أن تكونَ الباءُ سببيةً أو حاليةً. وقوله: "إلا نَكِداً" فيه وجهان أحدُهما: أن ينتصب حالاً أي عَسِراً مُبْطئاً. يقال منه نَكِد يَنْكَد نَكَداً بالفتح فهو نَكِد بالكسر. والثاني: أن ينتصب على أنه نعتُ مصدرٍ محذوف أي: إلا خروجاً نَكَداً. وَصَفَ الخروجَ بالنَّكَد كما يوصف به غيرُه، ويؤيِّده قراءة أبي جعفر ابن القعقاع "إلا نَكَداً" بفتح الكاف. قال الزجاج: "وهي قراءةُ أهل المدينة" وقراءة ابن مصرِّف "إلا نَكْداً" بالسكون وهما مصدران. وقال مكي: "هو تخفيف نَكِد بالكسر مثل كَتْف في كتِف" يقال: رجل نَكِد وأَنْكد. والمَنْكُود: العطاء النَّزْر، وأنشدوا في ذلك:

2222ـ وأَعْطِ ما أَعْطَيْتَه طَيِّباً لا خيرَ في المَنْكودِ والناكد

وأنشدوا أيضاً:

2223ـ لا تُنْجزِ الوعدَ إنْ وَعَدْتَ وإنْ أَعْطَيْتَ أَعْطَيْتَ تافِهاً نَكِدا؟

وقوله: { كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ } كما تقدَّم في نظيره. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة وعيسى بن عمر: "يُخْرَج" مبنياً للمفعول. "نباتُه" مرفوعاً لقيامِه مَقامَ الفاعل وهو الله تعالى. وقوله: { وَٱلَّذِي خَبُثَ } صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ أي: والبلد الذي خَبُث، وإنما حُذِف لدلالةِ ما قبلَه عليه، كما أنه قد حُذِف منه الجارُّ في قوله "بإذن ربه"، إذ التقديرُ: والبلد الذي خَبُث لا يَخْرُج بإذن ربه إلا نكداً. ولا بد من مضاف محذوف: إمَّا من الأول تقديره: وبيان الذي خَبُث لا يَخْرُج، وإمَّا من الثاني تقديرُه: والذي خَبُث لا يخرج نباته إلا نكداً. وغايَر بين الموصولين فجاء بالأول بالألف واللام، وفي الثاني جاء بالذي، ووُصِلَتْ بفعل ماضٍ.