التفاسير

< >
عرض

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦٢
-الأعراف

الدر المصون

وقوله تعالى: { أُبَلِّغُكُمْ }: يجوز أن تكونَ جملةً مستأنفة أُتي بها لبيان كونِه رسولاً، ويجوز أن تكونَ صفةً لرسول، ولكنه راعى الضمير السابق الذي للمتكلم فقال: "أُبَلِّغُكُمْ" ولو راعى الاسمَ الظاهر بعده لقال: يُبَلِّغكم، والاستعمالان جائزان في كل اسم ظاهر سبقه ضميرٌ حاضر من متكلم أو مخاطب فتحرَّر لك فيه وجهان: مراعاةُ الضميرِ السابق وهو الأكثر ومراعاةُ الاسمِ الظاهر، فتقول: "أنا رجلٌ أفعل كذا" مراعاةً لـ: أنا. وإن شئت "أنا رجلٌ يفعل كذا" مراعاةً لرجل، ومثله: "أنت رجل تفعل ويفعل" بالخطاب والغيبة. وقوله { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } [النمل: 47] جاء على الأكثر. ومثله ما لو وقع بعد الضمير موصولٌ نحو: "أنا الذي فَعَلْتُ وفعل"، و "أنت الذي فعل وفعلت". ومنه:

2225ـ نحن الذين بايَعُوا محمَّداً على الجهاد ما بقينا أبدا

فَجَمَعَ بين الاستعمالين، وقد تقدَّم هذا بأوضحَ منه هنا.
وقرأ أبو عمرو: "أُبْلِغُكم" بالتخفيف والباقون بالتشديد، وهذا الخلافُ جارٍ هنا في الموضعَيْن وفي الأحقاف. والتضعيف والهمزةُ للتعدية كأنزل ونَزَّل. وجمع "رسالة" باعتبار أنواعها من أمرٍ ونهيٍ ووَعْظٍ وزجر وإنذار وإعذار. وقد جاء الماضي على أفْعَل في قوله
{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ } [هود: 57] فهذا شاهدٌ لقراءة أبي عمرو، وجاء على فَعَّل في قوله: { { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } [المائدة: 67] فهذا شاهدٌ لقراءة الجماعة.