التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ
١٥
-الأنفال

الدر المصون

قوله تعالى: { زَحْفاً }: فيه وجهان: أحدهما: أنه منصوبٌ على المصدر، وذلك الناصب له في محل نصب على الحال، والتقدير: إذا لقيتم الذين كفروا زاحفين زحفاً، أو يزحفون زحفاً. والثاني: أنه منصوبٌ على الحال بنفسه ثم اختلفوا في صاحبِ الحال فقيل: الفاعل، أي: وأنتم زَحْف من الزحوف، أي: جماعة، أو وأنتم تمشون إليهم قليلاً قليلاً على حَسَب ما يُفَسَّر به الزَّحْف وسيأتي. وقيل: هو المفعول أي: وهم جمٌّ كثير أو يمشون إليكم. وقيل: هي حالٌ منهما أي: لقيتموهم متزاحِفين بعضَكم إلى بعض.
والزَّحْفُ: الدنوُّ قليلاً قليلاً يقال: زَحَف يَزْحَف إليه بالفتح فيهما فهو زاحفٌ زَحْفاً، وكذلك تَزَحَّفَ وتَزَاحف وأَزْحَفَ لنا عدوُّنا أي: دَنَوا لقتالنا. وقال الليث: "الزَّحْفُ: الجماعة يمشون إلى عدوِّهم، قال الأعشى:

2397ـ لِمَنِ الظعائنُ سَيَّرُهُنَّ تَزَحُّفُ مثلَ السَّفِينِ إذا تقاذَفُ تَجْدِفُ

وهذا من باب إطلاق المصدر على العين. والزَّحْفُ: الدبيب أيضاً مِنْ "زَحَفَ الصبيُّ"، قال امرؤ القيس:

2398ـ فَزَحْفاً أَتَيْتُ على الرُّكْبَتَيْنِ فثوباً لَبِسْتُ وثوباً أَجُرّْ

ويجوز جمعُه على زُحوف ومَزاحِف، لاختلاف النوع، قال الهذلي:

2399ـ كأنَّ مَزاحِفَ الحَيَّاتِ فيه قبيل الصُّبْحِ آثارُ السِّياطِ

ومَزاحِف جمع مَزْحَف اسمَ المصدر.
قوله: "الأَدْبار" مفعول لـ "تُوَلُّوهم".