التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣٢
-الأنفال

الدر المصون

قوله تعالى: { هُوَ ٱلْحَقَّ }: العامَّةُ على نصب "الحق" وهو خبر الكون و "هو" فصل، وقد تقدَّم الكلامُ عليه مُشْبعاً. وقال الأخفش: "هو" زائد، ومرادُه ما تقدَّم من كونِه فصلاً. وقرأ الأعمش وزيد بن علي برفع "الحق"، ووجهُها ظاهرٌ برفع "هو" بالابتداء و "الحق" خبره، والجملةُ خبرُ الكون كقوله:

2409ـ تَحِنُّ إلى ليلى وأنت تركتَها
وكنتَ عليها بالمَلا أنت أقدرُ

وهي لغةُ تميم. وقال ابن عطية: "ويجوز في العربية رفع "الحق" على خبر "هو" والجملةُ خبرٌ لـ "كان". وقال الزجاج: "ولا أعلم أحداً قرأ بهذا الجائزِ". قلت: قد ظهر مَن قرأ به وهما رجلان جليلان.
وقوله: { مِنْ عِندِكَ } حالٌ من معنى الحق أي: الثابت حالَ كونه مِنْ عندك. وقوله { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } فيه وجهان أحدهما: أنه متعلقٌ بالفعل قبله. والثاني: أنه صفة لحجارة فيتعلقُ بمحذوفٍ. وقولهم "من السماء" مع أن المطر لا يكون إلا منها، قال الزمخشري: "كأنه أراد أن يقال: فأمْطر علينا السِّجِّيلَ، فوضعَ "حجارة من السماء" موضعَه، كما يقال: "صبَّ عليه مسرودةً من حديد" تريد: "درعاً"، قال الشيخ: "إنه يريد بذلك التأكيد"، قال: "كما أن قوله "من حديد" معناه التأكيد؛ لأنَّ المسرودَ لا يكون إلا من حديد كما أن الأمطار لا تكون إلا من السماء". وقال ابن عطية: "قولهم من السماء مبالغة وإغراق". قال الشيخ: "والذي يظهر أنَّ حكمةَ قولِهم من السماء هي مقابلتُهم مجيءَ الأمطارِ من الجهة التي ذَكَر عليه السلام أنه يأتيه الوحي من جهتها أي: إنك تذكر أن الوحيَ يأتيك مِن السماء فَأْتِنا بالعذابِ من الجهة التي يأتيك الوحي منها قالوه استبعاداً له".