{ وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ } أي شابان، وقيل: هنا محذوف لا بد منه وهو فسجنوه، وكان يوسف قد قال لأهل السجن: إني أعبر الرؤيا، وكذلك سأله الفتيان عن منامهما، وقيل: إنهما استعملاها ليجرباه، وقيل رأيا ذلك حقاً { أَعْصِرُ خَمْراً } قيل فيه: سمى العنب خمراً بما يؤول إليه وقيل: هي لغة { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } قيل: معناه في تأويل الرؤيا، وقيل: إحسانه إلى أهل السجن { قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ } الآية: تقتضي أنه وصف لهما نفسه بكثرة العلم، ليجعل ذلك وصلة إلى دعائهما لتوحيد الله، وفيه وجهان: أحدهما أنه قال يخبرهما بكل ما يأتيهما في الدنيا من طعام قبل أن يأتيهما، وذلك من الإخبار بالغيوب الذي هو معجزة الأنبياء، والآخر أنه قال: لا يأتيكما طعام في المنام إلا أخبرتكما بتأويله قبل أن يظهر تأويله في الدنيا { ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيۤ } رُوي أنهما قالا له: من أين لك هذا العلم وأنت لست بكاهن ولا منجم؟ فقال: ذلكما مما علمني ربي { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } يحتمل أن يكون هذا الكلام تعليلاً لما قبله من قوله: علمني ربي أو يكون استئنافاً.