التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأرْضِ أُولَـۤئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ
٢٧
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٢٨
-البقرة

التسهيل لعلوم التنزيل

{ عَهْدَ ٱللَّهِ } مطلق في العهود وكذلك ما بعده من القطع والفساد، ويحتمل أن يشار بنقض عهد الله إلى اليهود، لأنهم نقضوا العهد الذي أخذ الله عليهم في الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويشار بقطع { مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } إلى قريش؛ لأنهم قطعوا الأرحام التي بينهم وبين المؤمنين، ويشار بالفساد في الأرض إلى المنافقين؛ لأن الفساد من أفعالهم، حسبما تقدّم في وصفهم { مِيثَاقِهِ } الضمير للعهد أو لله تعالى { كَيْفَ تَكْفُرُونَ } موضعها الاستفهام، ومعناها هنا: الإنكار والتوبيخ { وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً } أي معدومين أي: في أصلاب الآباء، أو نطفاً في الأرحام { فَأَحْيَٰكُمْ } أي أخرجكم إلى الدنيا { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } الموت المعروف { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } بالبعث { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } للجزاء، وقيل: الحياة الأولى حين أخرجهم من صلب آدم لأخذ العهد، وقيل: في الحياة الثانية إنها في القبور، والراجح القول الأول لتعينه في قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } [الحج: 66].
فوائد ثلاثة:
الأولى: هذه الآية في معرض الردّ على الكفار، وإقامة البرهان على بطلان قولهم. فإن قيل: إنما يصح الاحتجاج عليهم بما يعترفون به، فكيف يحتج عليهم بالبعث وهم منكرون له؟ فالجواب: أنه ألزموا من ثبوت ما اعترفوا به من الحياة والموت ثبوت البعث، لأن القدرة صالحة لذلك كله.
الثانية: قوله "وكنتم أمواتاً" في موضع الحال، فإن قيل: كيف جاز ترك قد وهي لازمة مع الفعل الماضي إذا كان في موضع الحال فالجواب: أنه قد جاء بعد الماضي مستقبل، والمراد مجموع الكلام. كأنه يقول: وحالهم هذه. فلذلك لم تلزم قد.
الثالثة: عطف فأحياكم بالفاء؛ لأن الحياة إثر العدم ولا تراخي بينهما، وعطف ثم يميتكم وثم يحييكم بثم؛ للتراخي الذي بينهما.