التفاسير

< >
عرض

وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ
٣١
قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٣٢
قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
٣٣
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ
٣٤
وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ
٣٥
فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ
٣٦
فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
٣٧
قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٣٨
-البقرة

التسهيل لعلوم التنزيل

{ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } أي أسماء بني آدم وأسماء أجناس الأشياء كتسمية القمر والشجر وغير ذلك { ثُمَّ عَرَضَهُمْ } أي عرض المسميات، وبيّن أشخاص بني آدم وأجناس الأشياء { أَنْبِئُونِي } أمر على وجه التعجيز { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي في قولكم: إنّ الخليفة يفسد في الأرض ويسفك الدماء، وقيل: إن كنتم صادقين في جواب السؤال والمعرفة بالأسماء { لاَ عِلْمَ لَنَآ } اعتراف { أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ } أي أنبئ الملائكة بأسماء ذريتك أو بأسماء أجناس الأشياء { ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ } السجود على وجه التحية وقيل: عبادة لله، وآدم كالقبلة { فَسَجَدُواْ } روي أنّ من أوّل من سجد إسرافيل، ولذلك جازاه الله بولاية اللوح المحفوظ { إِلاَّ إِبْلِيسَ } استثناء متصل عند من قال: إنه كان ملكاً. ومنقطع عند من قال: كان من الجن { وَٱسْتَكْبَرَ } لقوله: أنا خير منه { وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ } قيل: كفر بإبايته من السجود، وذلك بناء على أن المعصية كفر. والأظهر: أنه كفر باعتراضه على الله في أمره بالسجود لآدم، وليس كفره كفر جحود لاعترافه بالربوبية { وَزَوْجُكَ } هي حواء خلقها الله من ضلع آدم، ويقال: زوجة، وزوج هنا أفصح { ٱلْجَنَّةَ } هي جنة الخلد عند الجماعة وعند أهل السنة، خلافاً لمن قال: هي غيرها { وَلاَ تَقْرَبَا } النهيُ عن القرب يقتضي النهي عن الأكل بطريق الأولى، وإنما نهى عن القرب سدّاً للذريعة، فهذا أصل في سدّ الذرائع { ٱلشَّجَرَةَ } قيل هي شجرة العنب، وقيل شجرة التين، وقيل الحنطة، وذلك مفتقر إلى نقل صحيح، واللفظ مبهم { فَتَكُونَا } عطف على تقربا، أو نصب بإضمار أن بعد الفاء في جواب النهي { فَأَزَلَّهُمَا } متعدّ من أزل القدم، وأزالهما بالألف من الزوال { عَنْهَا } الضمير عائد على الجنة، أو على الشجرة فتكون عن سببية على هذا.
فائدة: اختلفوا في أكل آدم من الشجرة فالأظهر أنه كان على وجه النسيان، لقوله تعالى:
{ { فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } [طه: 115] وقيل سكر من خمر الجنة فحينئذٍ أكل منها، وهذا باطل؛ لأن خمر الجنة لا تسكر، وقيل: أكل عمداً وهي معصية صغرى، وهذا عند من أجاز على الأنبياء الصغائر، وقيل: تأوّل آدم أن النهي: كان عن شجرة معينة فأكل من غيرها من جنسها، وقيل: لما حلف له إبليس صدقه؛ لأنه ظنّ أنه لا يحلف أحد كذباً { ٱهْبِطُواْ } خطاب لآدم وزوجه وإبليس بدليل: { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } { مُسْتَقَرٌّ } موضع استقرار وهو في مدّة الحياة، وقيل في بطن الأرض بعد الموت { وَمَتَاعٌ } ما يتمتع به { إِلَىٰ حِينٍ } إلى الموت { فَتَلَقَّىٰ } أي أخذ وقيل على قراءة الجماعة، وقرأ ابن كثير بنصب آدم ورفع الكلمات، فتلقى على هذا من اللقاء { كَلِمَٰتٍ } هي قوله: { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } بدليل ورودها في [الأعراف: 23] وقيل غير ذلك { ٱهْبِطُواْ } كرر ليناط به ما بعده، ويحتمل أن يكون أحد الهبوطين من السماء، والآخر من الجنة، وأن يكون هذا الثاني لذرية آدم لقوله: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم } إن شرطية وما زائدة للتأكيد، والهدى هنا: يراد به كتاب الله ورسالته { فَمَن تَبِعَ } شرط، وهو جواب الشرط الأوّل، وقيل: فلا خوف جواب الشرطين.