التفاسير

< >
عرض

فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى
٥٨
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى
٥٩
-طه

التسهيل لعلوم التنزيل

{ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } يحتمل أن يكون الموعد اسم مصدر أو اسم زمان أو اسم مكان، ويدل على أنه اسم مكان قوله { مَكَاناً سُوًى }، ولكن يضعف بقوله: { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ }، لأنه أجاب بظرف الزمان، ويدل على أن الموعد اسم زمان قوله: { يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } ولكن يضعف بقوله: { مَكَاناً سُوًى }. ويدل على أنه اسم مصدر بمعنى الوعد قوله { لاَّ نُخْلِفُهُ } لأن الإخلاف إنما يوصف به الوعد لا الزمان ولا المكان. ولكن يضعف ذلك بقوله { مَكَاناً } وبقوله { يَوْمُ ٱلزِّينَةِ }، فلا بد على كل وجه من تأويل أو إضمار، ويختلف إعراب قوله: مكاناً باختلاف تلك الوجوه. فأما إن كان الموعد اسم مكان فيكون قوله { مَوْعِداً } و{ مَكَاناً } مفعولين لقوله { فَٱجْعَلْ }، ويطابقه قوله: { يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } من طريق المعنى، لا من طريق اللفظ، وذلك أن الاجتماع في المكان يقتضي الزمان ضرورة، وإن كان الموعد اسم زمان فينتصب قوله: { مَكَاناً } على أنه ظرف زمان، والتقدير: موعداً كائناً في مكان وإن كان الموعد اسم مصدر فينتصب { مَكَاناً } على أنه مفعول بالمصدر وهو الموعد، أو بفعل من معناه، ويطابقه قوله: { يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } على حذف مضاف تقديره موعدكم وعد يوم الزينة، وقرأ الحسن يوم الزينة بالنصب وذلك يطابق أن يكون الموعد اسم مصدر من غير تقدير محذوف { مَكَاناً سُوًى } معناه: مستو في القرب منا ومنكم، وقيل: معناه مستوي الأرض ليس فيه انخفاض ولا ارتفاع، وقرىء بكسر السين وضمها، والمعنى متفق { يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } يوم عيد لهم وقيل يوم عاشوراء { وَأَن يُحْشَرَ } عطف على الزينة، فهو في موضع خفض أو على اليوم فهو في موضع رفع وقصد موسى أن يكون موعدكم عند اجتماع الناس على رؤوس الأشهاد لتظهر معجزته ويستبين الحق للناس.