التفاسير

< >
عرض

وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
٢٤
-النساء

التسهيل لعلوم التنزيل

{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ } المراد هنا ذوات الأزواج، وهو معطوف على المحرمات المذكورة قبله، والمعنى أنه لا يحل نكاح المرأة إذا كانت في عصمة الرجل { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } يريد السبايا في أشهر الأقوال، والاستثناء متصل، والمعنى: أن المرأة الكافرة إذا كان لها زوج، ثم سبيت: جاز لمن ملكها من المسلمين أن يطأها، وسبب ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشاً إلى أوطاس، فأصابوا سبايا من العدوّ لهنّ أزواج من المشركين، فتأثم المسلمون من غشيانهنّ، فنزلت الآية مبيحة لذلك ومذهب مالك أن السبي يهدم النكاح سواء سُبي الزوجان الكافران معاً أو سُبي أحدهما قبل الآخر، وقال ابن المواز: لا يهدم السبي النكاح { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } منصوب على المصدرية: أي كتب الله عليكم كتاباً وهو تحريم ما حرم؛ وهو عند الكوفيين منصوب على الإغراء { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } معناه: أحلّ لكم تزويج من سوى ما حرم من النساء، وعطف أحل على الفعل المضمر الذي نصب كتاب الله، والفاعل هو الله أي كتبَ الله عليكم تحريم من ذكر، وأحل لكم ما وراء ذلكم { أَن تَبْتَغُواْ } مفعول من أجله، أو بدل مما وراء ذلكم، وحذف مفعوله وهو النساء { مُّحْصِنِينَ } هنا العفة ونصبه على الحال من الفاعل في تبتغوا { غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ } أي غير زناة، والسفاح هو الزنا { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } قال ابن عباس وغيره: معناها إذا استمتعتم بالزوجة ووقع الوطء فقد وجب إعطاء الأجر، وهو الصداق كاملاً. وقيل: إنها في نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل من غير ميراث، وكان جائزاً في أول الإسلام فنزلت هذه الآية في وجوب الصداق فيه، ثم حرم عند جمهور العلماء، فالآية على هذا منسوخة بالخبر الثابت في تحريم نكاح المتعة، وقيل نسختها آية الفرائض لأن نكاح المتعة لا ميراث فيه، وقيل: نسختها { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } [المؤمنون: 5] وروي عن ابن عباس جواز نكاح المتعة، وروي أنه رجع عنه { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ } مَنْ قال: إن الآية المتقدمة في مهور النساء فمعنى هذه جواز ما يتراضون به من حط النساء من الصداق، أو تأخيره بعد استقرار الفريضة ومن قال: إن الآية في نكاح المتعة. فمعنى هذا جواز ما يتراضون به من زيادة في مدة المتعة وزيادة في الأجر.