التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ فَمَا ٱخْتَلَفُواْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
٩٣
-يونس

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ }؛ أي ولقد أنزَلَنا بني إسرائيلَ في موضعِ خَصْبٍ وأمْنٍ، وهي أرضُ مصرَ ما بين أردن وفلسطين، ويقال: هي الأرضُ المقدَّسة التي وَرِثوها من أبيهم إبراهيمَ عليه السلام، وسَمَّاها مَنْزِلَ صِدْقٍ؛ لأن فَضْلَهَا على سائرِ المنازل كفضْلِ الصِّدقِ على الكذب. وَقِيْلَ: هم بنُو قريظةَ والنضير أنزلناهم مبوَّأ صِدْقٍ بين المدينة والشَّامِ من أرضِ يثربَ، { وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ }؛ أي من النَّخلِ وما فيها من الرُّطَب والتمرِ.
قولهُ: { فَمَا ٱخْتَلَفُواْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ }؛ معناهُ أنَّهم لم يزالوا مُؤمنين بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يجدونَهُ مكتوباً عندَهم في التوارةِ والإنجيل لم يختلفوا في ذلك، بعثَ اللهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم فآمَنَ به بعضُهم وكفرَ به بعضهم.
ومعنى الآيةِ: ما اختَلفُوا في تصديقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وإنه نبيٌّ حتى جاءَهم العلمُ، قال ابنُ عبَّاس: (يُريدُ الْقُرْآنَ الَّذِي جَاءَ بهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم)، وقال الفرَّاء: (الْعِلْمُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم) لأنَّهُ كَانَ مَعْلُوماً عِنْدَهُمْ بنَعْتِهِ، وَذلِكَ أنْ لَمَّا جَاءَهُمُ اخْتَلَفُوا فِيْهِ وَفِي تَصْدِيقِهِ فَكَفَرَ بهِ أكْثَرُهُمْ).
قَولهُ: { إِنَّ رَبَّكَ }؛ يا مُحَمَّدُ، { يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }، بتمييزِ الْمُحِقِّ من الْمُبْطِلِ، ويُجَازي كُلاًّ منهم بما يستحُّقه، { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } فيُدخِلُ المصدِّقين بكَ الجنةَ، ويُدخِلُ المكذِّبين النارَ.