التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
٦٩
-هود

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ }؛ قالَ ابنُ عبَّاس: (وَذلِكَ أنَّ جِبرِيلَ وَمَنْ مَعَهُ اثْنَي عَشَرَ مَلَكاً جَاؤُا إلَى إبْرَاهِيمَ لِيُبَشِّرُوهُ بإسْحَاقَ مِنْ زَوْجَتِهِ سَارَةَ).
فلما دخَلُوا عليه، { قَالُواْ سَلاَماً }؛ أي سلَّمُوا عليه سَلاَماً، وَقِيْلَ: قالوا: نُسَلِّمُ سَلاماً، وهو نَصْبٌ على المصدرِ، وقولهُ: { قَالَ سَلاَمٌ }؛ أي أجابَهم إبراهيمُ بأن قالَ: عليكم سَلامٌ. وإنما لم يقل عليكُم سَلاماً بالنصب؛ لأنه لو كان كذلكَ لكان يُتوَهَّمُ أن إبراهيمَ عليه السلام حكَى قولَ الملائكةِ أنَّكُم سلَّمْتُم سلاماً، فخالَفَ بينهما ليكون قولهُ جَواباً لَهم. ومَن قرأ بكسرِ السِّين، فالسِّلْمُ والسَّلامُ بمعنى واحدٍ، كحَلَّ وحَرُمَ مثل حلالٍ وحرام.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ }؛ أي ما لَبثَ إبراهيمُ أن جاءَ بعِجْلٍ مَحْنُوذٍ؛ أي مَشْوِيٍّ، قال ابنُ عبَّاس: (الْحَنِيذُ: النَّضِيجُ) وهو قولُ مجاهد وقتادة، والْحِنْذُ: إشْوَاءُ اللَّحمِ بالحجارةِ الْمُحَمَّاةِ في شَوْءٍ مِن الأرضِ، وهو مِن فِعْلِ الباديةِ، وقال مقاتلُ: (إنَّمَا جَاءَهُمْ بعِجْلٍ لأنَّهُ كَانَ أكْثَرُ مَالِهِ الْبَقَرَ).
وقال الحسنُ: (إنَّمَا جَاءَهُمْ بالطَّعَامِ لأنَّهُمْ جَاؤُهُ عَلَى صُورَةِ الآدَمِيِّينَ، عَلَى هَيْأَةِ الأَضْيَافِ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أحَبَّ إلَيْهِ مِنَ الضَّيفَانِ، وَلَوْ جَاؤُهُ عَلَى صُورَةِ الْمَلاَئِكَةِ لَمْ يَكُنْ يُقَدِّمُ إلَيْهِمْ ذلِكَ لِعِلْمِهِ باسْتِغْنَاءِ الْمَلاَئِكَةِ عَنِ الطَّعَامِ).