التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً
٣٠
أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً
٣١
-الكهف

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً }؛ أي لا يبطلُ ثوابُ من أخلصَ للهِ، ويجوزُ أن يكون معناهُ: إنا لا نضيعُ أجرَ مَن أحسنَ منهم، بل يجازيهم.
ثُم ذكرَ جَزَاءَهُمْ فقالَ: { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ }؛ أي بساتينُ إقامةٍ، وقد ذكرَنا صفات جنَّات عَدْنٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ }؛ أي يُلْبَسُونَ في الجِنَانِ ذلك.
قال الزجَّاج: (أسَاوِرُ: جَمْعُ أسْوِرَةٍ، وَأسْوِرَةٌ جَمْعُ سِوَارٍ)؛ وَهُوَ زيْنَةٌ يُلْبَسُ فِي الزَّنْدِ مِنَ الْيَدِ، مِنْ زيْنَةَ الْمُلُوكِ يُسَوُّرُ فِي الْيَدِ وَيُتَوَّجُ عَلَى الرَّأسِ. قال ابنُ جبير: (عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلاَثَةٌ مِنَ الأَسَاوِر، وَاحِدٌ مِنْ فِضَّةٍ وَوَاحِدٌ مِنْ ذهَبٍ وَوَاحِدٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَيَاقُوتٍ).
وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنهُ قال:
"لَوْ أنَّ أدْنَى أهْلِ الْجَنَّةِ حِلْيَةً عُدِلَتْ حِلْيَتُهُ بحِلْيَةِ أهْلِ الدُّنْيَا جَمِيْعِهَا لَكَانَ مَا يُحَلِّيهْ اللهُ بهِ فِي الآخِرَةِ أفْضَلَ مِنْ حِلْيَةِ أهْلِ الدُّنْيَا جَمِيْعِهَا" .
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ }؛ الْخُضْرُ: جمعُ أخضرَ، وهو أحسنُ ما يكون من الثِّياب، والسُّنْدُسُ: الدِّيْبَاجُ الرقيقُ الفاخر، وَقِيْلَ: هو الحريرُ؛ وواحدُ السُّندس سُنْدُسَةٌ، والاسْتَبْرَقُ الدِّيباجُ الغليظُ الذي له بريقٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا }؛ أي في الجِنَانِ؛ { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ }؛ أي على السُّرُرِ في الْحِجَالِ وهي من ذهَبٍ مكَلَّلٍ بالدُّرِّ والياقوتِ؛ { نِعْمَ ٱلثَّوَابُ }؛ جزاءُ أعمالِهم؛ { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }؛ أي مُتَّكَأً.