قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ ٱلنَّصَارَىٰ لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ }. قال ابنُ عباس: (صَدَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيْقَيْنِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أحَدٌ مَا حَنِثَ، وَلَيْسَ أحَدٌ مِنَ الْفَرِيْقَيْنِ عَلَى شَيْءٍ). قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَهُمْ يَتْلُونَ ٱلْكِتَابَ }؛ أي وَكِلاَ الفريقين يقرأُون كتابَ الله، ولو رجعوا إلى ما مَعَهم من الكتاب لَمَا اختلفوا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ }؛ أي للذين ليسُوا من أهلِ الكتاب؛ نحوَ الْمَجُوسِ ومشركي العرب. يقولون أيضاً: لن يدخلَ الجنَّةَ إلا من كان على دِيننا. وقيل: أرادَ بالذين لا يعلَمُون آباءَهم الذين مَضَوا. وقال مقاتلُ: (هُمْ مُشْرِكُو الْعَرَب؛ قَالُواْ فِي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَأصْحَابهِ: لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الدِّيْنِ). وقال ابن جُريج: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَيْفَ قَالَ الَّذِيْنَ لاَ يَعْلَمُونَ؟ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: أُمَمٌّ كَانَتْ قَبْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ؛ وَقَوْمِ هُودٍ؛ وَصَالِحٍ؛ وَلُوطٍ؛ وَشُعَيْبَ؛ وَنَحْوُهُمْ. قَالُواْ فِي أنْبيَائِهِمْ: لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، وَإنَّ الدِّيْنَ دِيْنُنَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }؛ أي يقضي بين اليهودِ والنصارى والمشركينَ يوم القيامة؛ أي يُرِيْهِمْ مَن يدخلُ الجنة عياناً؛ ومن يدخلُ النار عياناً. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }؛ يعني من الدِّين.