التفاسير

< >
عرض

فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ
٧٩
-البقرة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ }؛ نزلت هذه الآيةُ في علماءِ اليهود الذين غيَّروا صفةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في التوراةِ فكتبوها: مُحَمَّدٌ سِبْطاً؛ طويلاً؛ أزْرَقاً؛ شبط الشَّعرِ. وكانت صفتهُ في التوراة: حسَنَ الوجهِ؛ جَعْدَ الشعرِ؛ أسمرَ ربعة. فبدَّلوا وقالوا: هذا مِن عند اللهِ، وإذا سُئلوا عن صفتهِ قرَأُوا ما كَتَبُوهُ؛ فيجدونَه مخالفاً لصفتهِ فيكذِّبونه. وإنَّما فعلتِ اليهودُ ذلك؛ لأنَّهم خافوا ذهابَ مُلكِهم وزوالَ رئاستهم حين قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ؛ فاحتالوا في تغييرِ صفته ليمنَعُوا الناسَ عن الإيْمان بهِ.
والوَيْلُ: الشِّدَّةُ فِي الْعَذَابِ. وَقِيْلَ: الهلاكُ. وَقِيْلَ: الْخِزْيُ؛ ويكنَّى عنه بـ (وَيْسَ) وَ(وَيْحَ). وَقِيْلَ: هو وادٍ في جهنَّم يَهوِي فيه الكافرُ أربعين خَريفاً قبلَ أن يقعَ إلى قعرهِ. وَقِيْلَ: يسيلُ فيه صديدُ أهل النار. وَقِيْلَ: لو جُعلت فيه جبالُ الدُّنيا لَمَاعَتْ من شدَّة حرِّه.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً }؛ يعني ما كان لَهم من الْمَأْكَلَةِ والهدايَا من أغنيائهم؛ ألْحَقَ اللهُ بهم ثلاثَ ويلاتٍ فيما غيَّروا من الكتاب. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }؛ أي مما يُصِيبون من المآكلِ والهدايا. ولفظُ الأيدِي للتأكيدِ كقولهم: مشيتُ برِجْلي؛ ورأيتُ بعَينِي. قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{ { وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } [الأنعام: 38].