التفاسير

< >
عرض

بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٨١
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٨٢
-البقرة

التفسير الكبير

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً }؛ أي ليس كما تقولون. قال الكسائيُّ: (الْفَرْقُ بَيْنَ بَلَى وَنَعَمْ: أنَّ بَلَى إقْرَارٌ بَعْدَ جَحْدٍ؛ وَنَعَمْ جَوَابُ، اسْتِفْهَامٍ لِغَيْرِ جَحْدٍ. فَإِذَا قِيْلَ لَكَ: ألَيْسَ فَعَلْتَ كَذَا؟ تَقُولُ: بَلَى. أوْ قِيْلَ لَكَ: ألَمْ تَفْعَلْ كَذَا؟ تَقُولُ: بَلَى). وَقَالَ تَعَالَى: { { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [الأعراف: 172]. وقالَ في غيرِ الجحُودِ: { { فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ } [الأعراف: 44]. وإنَّما قال ها هُنا: بَلَى؛ للجُحودِ الذي قبلَهُ وهو قَوْلُهُ: { { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ } [البقرة: 80] والسببُ هنا الشِّركُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ }. قرأ أهلُ المدينةِ: (خَطِيْئَاتُهُ) بالجمعِ. وقرأ الباقون (خَطِيْئَتُهُ) على الواحدِ. والإحاطةُ: الإحْدَاقُ بالشَّيء من جميع نواحيه؛ أي سُدَّتْ عليه طريقُ النَّجاةِ؛ وماتَ على الشِّركِ. وَقِيْلَ: السَّيِّئَةُ: الذَّنْبُ الذي وُعِدَ عليه العقابَ. والخطيئةُ: الشِّركُ. ولا بدَّ أن تكون الخطيئةُ أكبرَ من السيئة؛ لأن ما أحاطَ بغيره كان أكبرَ منه.
وأصل بَلَى: بل؛ وهو لردِّ الكلام الماضي؛ وإثبات كلام آخر مبتدأ؛ وإنَّما زيدت اللام لتحسين الوقف. وقيل: أصله: بل لا؛ فخففت. وقال الربيع بن خيثم في معنى قوله: { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ }: هُوَ الَّذِي يُصِرُّ عَلَى خَطِيْئَةٍ قَبْلَ أنْ يَمُوتَ، ومثله قال عكرمة. وقال مقاتلُ: يَعْنِي أصَرَّ عَلَيْهَا. وقال الكلبيُّ: مَعْنَى { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } أيْ أوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ظاهرُ المعنى.