التفاسير

< >
عرض

إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
١٢٠
-آل عمران

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا }؛ قرأ السلمي: بالياءِ، ومعنى الآيةِ: إنْ تُصِبْكُمْ أيُّها المؤمنون حَسَنَةٌ بظهُوركُم على عدوِّكم وغَلَبَتِكُمْ لَهُمْ أو الغنيمةِ والخصَب تَسُؤْهُمْ تِلْكَ الحسنةُ؛ أي تُحْزِنُهُمْ؛ يعني اليهودَ، وإن تُصِبْكُمْ مِحْنَةٌ من جهةِ أعدَائكم ونَكْبَةٌ أو جَدْبٌ يُعْجَبُوا بها.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ }؛ أي وإن تصبرُوا على أذى اليهود والمنافقين وتَتَّقُوا معصيةَ اللهِ وتَخافوا ربَّكم، { لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً }؛ أي لا يضرُّكم احتيالُهم لإيقاعِكم في الهلاكِ، { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }؛ أي أحاطَ عِلْمُهُ وقدرتُه بأعمالِكم وبأعمالِهم.
قرأ أبو عمرٍو وابنُ كثير: (لاَ يَضِرْكُمْ) بكسرِ الضَّاد والتخفيفِ، وهو جَزْمٌ على جواب الجزاء. وقرأ الضحَّاك: (لاَ يَضُرْكُمْ) بالضمِّ وجزمِ الراء؛ مِن ضَارَ يُضَارُ يَضُورُ. وذكرَ القُرَّاءُ عنِ الكَسَائِيِّ: أنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أهْلِ الْعَالِيَةِ يَقُولُ: لاَ يَنْفَعُنِي وَلاَ يَضُورُنِي. وقرأ الباقونَ بضمِّ الضادِ وتشديد الرَّاء: من ضَرَّ يَضِرُّ ضَرّاً. وفي رفعِ { يَضُرُّكُمْ } وجهان؛ أحدُهما: أنهُ أرادَ الجزمَ؛ وأصلهُ (يَضْرُرْكُمْ) فأُدغمتِ الراءُ في الراءِ، ونُقلت ضمَّةُ الراء الأُولى إلى الضَّادِ، وضُمَّت الراءُ الأخيرةُ اتِّباعاً لأقرب الحركات إليها وهي الضَّادُ طلباً للمشاكَلَةِ، والوجهُ الثانِي: أنَّ (لاَ) بمعنى (لَيْسَ)، ويُضمر الفاءَ فيه؛ تقديرهُ: وإنْ تَصْبرُوا فليسَ يَضُرُّكُمْ، وَالضَّيْرُ وَالضَّرُّ وَالضَّرَرُ بمعنىً واحدٍ؛ قال اللهُ تعالى:
{ { قَالُواْ لاَ ضَيْرَ } [الشعراء: 50] وقال: { { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ } [الاسراء: 67]. وقَوْلُهُ تَعَالَى (إنَّ الله بمَا تعْمَلُونَ مُحِيطٌ) أي عالِمٌ. قرأ الحسنُ والأعمش بالتَّاء. وقرأ الباقون بالياءِ.