التفاسير

< >
عرض

وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
١٢٦
-آل عمران

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ }؛ أي ما جعلَ اللهُ إمدادَكم بالملائكةِ إلاّ بشارةً لكم؛ ولتطمئِنَّ قلوبُكم بهِ، فلا تَجْزَعْ من كثرةِ عددِهم وقلَّة عددِكم حتى تَثْبُتُوا لأعدائِكم. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ }؛ أي وإنْ أمدَّكم بالملائكةِ وقوَّى قلوبَكم، فليسَ النصرُ لكثرةِ العدد وقِلَّتِهِ، ولكنَّهُ { مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } أي الْمَنِيْعِ في سُلْطَانِهِ، الْحَكِيمِ في أمْرِهِ.
وفي الآيةِ بيانُ أنَّ الإنسانَ لا يستغني في حالٍ من الأحوالِ عن الله وإنْ كَثُرَ عددُه واجتمعَ مالُه. قال ابنُ عبَّاس: (إنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَمْ يُبَاشِرُواْ الْقِتَالَ إلاَّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَمَّا مَا سِوَى ذلِكَ فَإنَّهَا تَحْضُرُ الصَّفَّ وَتُكَثِّرُهُ وَلاَ تُقَاتِلُ). وقال بعضُ المفسِّرين: إنَّ الملائكةَ لم تقاتلْ أصلاً وَلَمْ يُبْعَثُوا إلاّ بالبشَارَةِ، فلو بَعَثُوا للقتالِ لكانَ ملكٌ واحدٌ يكفيهم، كما فَعَلَ جبريلُ عليه السلام يومَ لُوطٍ. وقال بعضُهم: إنَّ الملائكةَ كانت تقاتلُ وكان علامةُ ضربهم اشتعالُ النَّار في موضعِ ضربهم، واللهُ أعلمُ.