التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ
١٧٨
-آل عمران

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ }؛ قرأ حمزة بالتَّاء على الخطاب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أي لا تَظُنَّنَّ يا مُحَمَّدُ اليهودَ والنصارى والمنافقين إنَّ إمْلاَءَنَا لَهم خيرٌ لَهم من أنْ يَموتوا كما ماتَ شهداءُ أحُدٍ. وقيل: معناهُ: لا تحسبنَّ يا مُحَمَّدُ أمْلِى لَهم لِخيرٍ وتوبةٍ تقعُ منهم، { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً }، إنَّما إمْلاَؤُنَا لَهُمْ لتكونَ عاقبةُ أمرِهم أنْ يزدادُوا بذلكَ معصيةً على معصيةٍ؛ { وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }؛ يُهَانُونَ فيه.
وقيل: إنَّ المرادَ بالذينَ كفروا كفَّارَ مَكَّةَ؛ أي لا تَظُنَّنَّ ما أصابُوه يومَ أحدٍ من الظَّفر خيرٌ لأنفسِهم، وإنَّما كان ذلكَ ليزدادُوا معصيةً فَيُزَادُ في عقوبتِهم. وقرأ الباقون: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ) بالتاء معناه: لا تحسبنَّ الكفارَ إملاءَنا إياهُم خيرٌ لَهم، وَالإمْلاَءُ في اللُّغة: إطَالَةُ الْمُدَّةِ وَالإمْهَالِ وَالتَّأْخِيْرِ، ومنهُ قَوْلُهُ
{ { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } [مريم: 46] أي دَهْراً طويلاً. قال ابنُ مسعود: (مَا مِنْ نَفْسٍ بَرَّةٍ وَلاَ فَاجِرَةٍ إلاَّ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهَا مِنَ الْحَيَاةِ، أمَّا الْفَاجِرَةُ فَقَدْ قَالَ اللهُ: { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً }؛ وَأمَّا الْبَرَّةُ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: { { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } [آل عمران: 198].