التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً
١١٦
-النساء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ }؛ قال ابنُ عبَّاس: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ رضي الله عنه). والمعنى: إنَّ الله لا يغفرُ شِرْكَ الْمُشْرِكِ به إنْ ماتَ بغير توبةٍ؛ ويغفرُ ما دون الشِّرْكِ لِمن يشاءُ من أهلِ الإسلامِ من غيرِ توبةٍ.
وقال الضحَّاك عن ابنِ عبَّاس: إنَّ شَيْخاً مِنَ الأَعْرَاب جَاءَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبيَّ اللهِ؛ إنِّي شَيْخٌ مُنْهَمِكٌ فِي الذُّنُوب وَالْخَطَايَا؛ إلاَّ أنِّي لاَ أشْرِكُ بهِ شَيْئاً مُذْ عَرَفْتُهُ وَآمَنْتُ بهِ؛ وَلَمْ أتَّخِذْ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً، وَلَمْ أقَعْ عَلَى الْمَعَاصِي جُرْأةً عَلَى اللهِ وَلاَ مُكَابَرَةً لَهُ، وَلاَ تَوَهَّمْتُ طَرْفَةَ عَيْنٍ أنْ أعْجِزَ اللهَ هَرَباً، إنِّي لَنَادِمٌ تَائِبٌ مُسْتَغْفِرٌ، فَمَا لِي عِندَ اللهِ؟. فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ { إنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ }. { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }؛ أي فقد ذهَبَ عن الصواب والْهُدَى ذهاباً بعيداً، وَحُرِمَ الخيرَ كلَّه.
والفائدةُ في قوله { بَعِيداً } أنَّ الذهابَ عن الجنَّة على مراتبَ أبعدُها الشِّرْكُ باللهِ تعالى.