التفاسير

< >
عرض

لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً
١٤٨
-النساء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ }؛ قال ابن عبَّاس: (مَعْنَاهُ: لاَ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بالدُّعَاءِ الشَّرِّ عَلَى أحَدٍ إلاَّ أنْ يُظْلَمَ فِيْهِ؛ فَيَدْعُو عَلَى ظَالِمِهِ فَلاَ يُعَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أنْ يَشْكُو ظَالِمَهُ وَيَدْعُو عَلَيْهِ).
ويقالُ: { إلاَّ مَنْ ظُلِمَ } استثناءٌ منقطع؛ معناهُ: لكن المظلومُ يجهر بظَلاَمَتِهِ تَشَكِّياً. وفي تفسير الحسنِ: (لاَ يُحِبُّ اللهُ الْمُشَتِّمَ فِي الانْتِصَار إلاَّ مَنْ ظُلِمَ، فَلاَ بَأْسَ لَهُ أنْ يَنْتَصِرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ بمَا يَجُوزُ لَهُ الانْتِصَارُ بهِ فِي الدِّيْنِ). ونظيرهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{ { وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } [الشعراء: 227]. قال الحسنُ: (لاَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ "إذا قِيْلَ لَهُ": يَا زَانِي، أنْ يَقُولَ بمثْلِ ذلِكَ أوْ نَحْوِهِ مِنْ أنْوَاعِ الشَّتْمِ). وقال مجاهدُ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الضَّيْفِ إذا لَمْ يُضَفْ وَمُنِعَ حَقَّهُ، فَقَدْ أذِنَ لَهُ أنْ يَشْكُو)، والضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أيَّامٍ.
ومن قرأ (إلاَّ مَنْ ظَلَمَ) بنصب الظّاء، فمعناهُ: لكن الظالِمُ يجهرُ بذلك ظُلماً واعتداءً. وَقِيْلَ: لكن الظالِمُ إجْهَرُوا لهُ بالسُّوءِ من القولِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً }؛ أي { سَمِيعاً } لدُعاءِ الْمَظْلُومِ؛ { عَلِيماً } بعقوبةِ الظالِم. ويقالُ: { سَمِيْعاً } لجميع المسمُوعات؛ { عَلِيماً } لجميع المظلُومات. فقولهُ تعالى: { إِلاَّ مَن ظُلِمَ } في موضعِ نصبٍ على الاستثناء المنقطعِ.