التفاسير

< >
عرض

وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً
١٥٤
-النساء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ }؛ أي ورفعنَا فوقَ رؤوسِهم الجبلَ بإقرارهم بالله وبنبوَّة موسَى، وذلك حين أبَوا قَبُولَ التَّوراةِ، فرفعَ اللهُ فوقَهم الطُّورَ، فقبلُوها فَخَرُّوا سُجَّداً، فرفعَ اللهُ الطُّورَ عنهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً }؛ أي قلنا لَهم: ادخُلُوا بابَ أريْحَيا إذا دخلتمُوها خاشعينَ للهِ مُنْحَنِيَةٌ أصلابُكم، فدخلوا زَحْفاً وبدَّلُوا ما قِيْلَ لَهم. ويقالُ أراد بالباب: البابَ الذي عَبَدُوا فيه العِجْلَ، أمَرَهُم اللهُ أن يدخلوه بعدَ تَوْبَتِهِمْ عن عبادةِ العِجْلِ ساجدين للهِ عَزَّ وَجَلَّ، فيصيرُ ذلك كفَّارَةً لعبادةِ العجل.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ }؛ أي قُلْنَا لَهم مع هذا أيضاً: لا تَسْتَحِلُّوا أخْذ السَّمَكِ في يوم السَّبتِ. ومن قرأ (لاَ تَعَدُّوا) بتشديد الدَّال؛ فأصلهُ: لا تَعْتَدُوا؛ فَأُدْغِمَتِ الدالُ في الدال وأقيمَ التشديدُ مقامه. والقراءةُ بالتخفيف من عَدَا يَعْدُو عُدْوَاناً. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً }، أي إقْرَاراً وثيقاً شَدِيداً يعني العَهْدَ الذي أخذهُ الله في التَّوراةِ فَأَبَواْ إلاّ مُضِيّاً على المعصيةِ وخُرُوجاً عن الطاعةِ استخفافاً بأمرِ الله.