التفاسير

< >
عرض

يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٢٦
-النساء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }؛ أي يُرِيْدُ اللهُ أنْ يُبَيِّنَ لكم ما تحتاجون إلى معرفتهِ من الحلالِ والحرَام، وكيفيَّة الطاعةِ، ويُبَصِّرَكُمْ طريقَ الذين مِن قبلِكم من أهلِ التَّوراة والانجيلِ، يَدُلُّكُمْ على طاعةِ الله، كما دلَّ مَن قبلَكم، { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ }؛ أي يَتَجَاوَزَ عنكم ما كان مِنكم في الجاهليَّةِ؛ { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ }؛ بما فعلتم وبمَّن يتوبُ؛ { حَكِيمٌ }؛ فيما أمَرَكم به ونهَاكم عنهُ في قوله { لِيُبَيِّنَ } بمعنى (أنْ)، والعربُ تُعَاقِبُ بين لامِ كَي وبين (أنْ)، فيقعُ أحدُهما مكانَ الآخرِ، كقولهِ { { وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } [الشورى: 15] وقولهُ { { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ } [الأنعام: 71] وفي موضعٍ آخر: { { وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ } [غافر: 66] وقال: { { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ } [الصف: 8] وفي موضع آخر { { أَن يُطْفِئُواْ } [التوبة: 32]، وقال الشاعرُ:

أُريْدُ لأَنْسَى ذِكْرَهَا فَكَأَنَّمَا تَمَثَّلُ لِي لَيْلَى بكُلِّ سَبيْلِ

يُرِيْدُ أنَّ أنْسَى.
ومعنى الآية: يريدُ الله لِيُبَيِّنَ لكم شرائعَ دينِكم ومصالِحَ أمرِكم. وقال الحسنُ: (مَعْنَاهُ: يُبَيِّنَ لَكُمْ مَا تَأَتُونَ وَمَا تَذرُونَ). وقال عطاءُ: (يُبَيِّنُ لَكُمْ مَا يُقَرِّبُكُمْ إلَيْهِ). وقال الكلبيُّ: (مَعْنَاهُ: يُبَيِّنُ لَكُمْ أنَّ الصَّبْرَ عَلى نِكَاحِ الإمَاءِ خَيْرٌ لَكُمْ { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } أيْ شَرَائِعَ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ فِي تَحْرِيْمِ الْبَنَاتِ وَالأُمَّهَاتِ وَالأَخَوَاتِ).