التفاسير

< >
عرض

وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
٨٩
-النساء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً }؛ أي تَمَنَّى المنافقونَ والكفارُ أن تكفرُوا أنتُم بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنِ كما كَفَروا، فتكونُوا أنتم وهم سواءٌ في الكفرِ، { فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ }؛ أي أحِبَّاءَ، { حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }؛ في طاعةِ اللهِ، { فَإِنْ تَوَلَّوْاْ }؛ فإنْ أعْرَضُوا عن الإيْمانِ والْهِجْرَةِ فَأْسِرُوهُمْ، { فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ }؛ في الحلِّ والْحَرَمِ، { وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }؛ أي حَبيْباً في العَوْنِ والنُّصرةِ.
وهذه الآية محمولةٌ على حالِ ما كانتِ الهجرةُ فَرْضاً كما قال صلى الله عليه وسلم:
"أنَا بَرِيْءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أقَامَ بَيْنَ أظْهُرِ الْمُشْرِكِيْنَ" ثم نُسِخَ ذلك يومَ فتحَ مكَّة كما روَى ابنُ عبَّاس قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام يَوْمَ الْفَتْحِ: "لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإنِ اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُواْ" .
وقَوْلُهُ تَعَالَى: { فَتَكُونُونَ سَوَآءً } لَمْ يدخل جوابَ التَّمنِّي؛ لأنه جوابَهُ بالفاءِ منصوبٌ، وإنَّما أرادَ العطفَ على معنى: وَدُّوا لو تكفرونَ وَوَدُّوا لو تكونُوا سواءً، مثلَ قولهِ: { { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } [القلم: 9] أي وَدُّوا لو تُدْهنُ وودُّوا لو تُدْهِنُونَ، ومثلُه { { وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ } [النساء: 102] أي وَودُّوا لو تَميلونَ.