التفاسير

< >
عرض

دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٩٦
-النساء

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً }؛ هذا بدلٌ من قولهِ تعالى (أجْراً) أو صفةٌ له؛ وهو موضع نصبٍ. وعن ابن مُحَيْرِيْزِ أنهُ قال: (فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِيْنَ عَلَى الْقَاعِدِيْنَ سَبْعِيْنَ دَرَجَةً؛ بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيْرَةَ سَبْعِيْنَ خَرِيْفاً لِلْجَوَادِ الْمُضَمَّرِ).
قولهُ: { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }؛ أي غَفُوراً لذنب مَن جاهدَ، رَحِيْماً إذ ساوَى في وعدِ الْحُسنى بينَ مَن له العذرُ وبين مَن جاهدَ.
فإنْ قِيْلَ: كيفَ ذكرَ التفضيلَ في هذه الآية بدرجاتٍ، وفي الآيةِ التي قبلها بدرجةٍ؟ قُلْنَا: قالَ بعضُهم: أراد بذكرِ الدرجَة في الآيةِ الأُولى: الفضيلةَ والكرامةَ في الدُّنيا، وبذكرِ الدرجاتِ درجاتِ الجنَّة منال في النَّعيمِ، بعضُها أعلى من بعضٍ، وذكرَ المغفرةَ لبيانِ خُلُوصِ نعيمِهم عنِ الكَدَر، كما رويَ في الخبرِ: (أنَّ اللهَ يُنْسِيْهِمْ فِي الْجَنَّةَ مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الذُّنُوب فِي الدُّنْيَا حَتَّى لاَ يَلْحَقَهُمُ الْحَيَاءُ)، وذكرَ الدرجةَ لبيانِ أنَّ اللهَ أعطاهُم ذلكَ النفعَ العظيم على جهةِ النِّعْمَةِ مع ما يضافُ إليه من الفضلِ بالزيادة في النِّعْمةِ. وقال بعضُهم: أرادَ بالتفضيلِ في الدرجةِ في الآية الأُولى تفضيلَ الْمُجَاهِدِيْنَ على القاعدينَ المعذورينَ، وبالآيةِ الثانية تفضيلَهم على القاعدين الذين لا عُذْرَ لَهم.