التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ
٢٨
-غافر

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ }؛ اختلَفُوا في هذا المؤمنِ، فقال بعضُهم: كان قِبْطِيّاً من آلِ فرعون، غيرَ إنه كان آمَنَ بموسى وكان يكتمُ إيمانه من فرعون وقومه خَوفاً على نفسهِ.
وقال مقاتلُ والسديُّ: (كَانَ ابْنَ عَمِّ فِرْعَوْنَ)، وَهُوَ الَّذِي حَكَى اللهُ عَنْهُ
{ { وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ } [القصص: 20]، وهذا هو الأشير وكان اسمهُ حِزقِيلُ، وَقِيْلَ: حِزْبيلُ. وقال بعضُهم كان إسرَائِيليّاً، وتقديرُ الآية: وقال رجلٌ مُؤمِنٌ يكتمُ إيمانهِ مِن آلِ فرعون.
وقولهُ تعالى: { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ } أي لأَنْ يقولَ رَبيَ اللهُ، وقد جاءَكم بالبيِّنات من ربكم بما يدلُّ على صدقهِ من المعجزات، { وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ }؛ لا يضرُّكم ذلك، { وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ }؛ أي يُصِبكُمْ كلُّ الذي يَعِدُكم من العذاب إنْ قتلتموهُ وهو صادقٌ.
والمرادُ بالبعضِ الكلَّ في هذه الآيةِ، وقال الليثُ: (بَعْضُ هَا هُنَا زَائِدَةٌ؛ أيْ يُصِبْكُمُ الَّّذِي يَعِدُكُمْ)، وقال أهلُ المعاني: هذا على الْمُظَاهَرَةِ في الحِجَاجِ، كأنهُ قالَ لَهم: أقلُّ ما يكون في صِدقهِ أنْ يُصِبكُم بعضُ الذي يَعِدْكم وفي بعضِ ذلك هَلاكُكم)، فذكرَ البعضَ ليُوجِبَ الكلَّ، ويدلُّ على ذكر البعضِ بمعنى الكلِّ، قال لبيد:

تَرَّاكُ أمْكِنَةٍ إذا لَمْ أرْضَهَا أوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا

أراد كلَّ النُّفُوسِ، ومثلُ قولِ الآخر.

قَدْ يُدْركُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ

وقولهُ تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ }؛ أي لا يهدِيهِ في الآخرةِ إلى جنَّتهِ وثوابهِ. والمسرِفُ هو المتجاوزُ عن الحدِّ في المعصيةِ.