التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
١٩
-الزخرف

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً }؛ معناهُ: ووَصَفُوا الملائكةَ الذين هم عبادُ الرحمنِ أنَّهم بناتُ اللهِ، وقرئ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) وكلٌّ صوابٌ، وقد جاءَ القرآنُ بالأمرَين معاً، وذلك قولهُ { { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26] وقولهُ { { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } [الأعراف: 206]، وفي قولهِ تعالى (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) دلالةٌ على رفعِ المنْزِلة والقُربَةِ من الكرامةِ.
وقولهُ تعالى: { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ }؛ معناهُ: أحَضَرُوا عندَ خَلقِهم فعَلمُوا ذلك، والشهادةُ ها هنا من الحضور، ووبَّخَهم اللهُ على ما قالوا ما لَم يُشاهِدُوهُ. وقرأ نافعُ: (أشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ) بهمزة الاستفهامِ وتخفيف الهمزةِ الثانية على معنى أحَضَرُوا وعَايَنُوا خَلقَهُم حتى عَلِموا أنَّهم أناثٌ، وهكذا كقوله
{ { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } [الصافات: 150].
قال ابنُ عبَّاس: (يُرِيدُ: أحَضَرُواْ وَعَايَنُواْ خَلْقَهُمْ؟)، قال الكلبيُّ:
"لَمَّا قَالُواْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ سَأَلَهُمُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقًَالَ: مَا يُدْرِيكُمْ أنَّهُمْ إنَاثٌ؟ قَالُواْ: سَمِعْنَا مِنْ آبَائِنَا وَنَحْنُ نَشْهَدُ أنَّهُمْ لَمْ يَكْذِبُواْ أنَّهُمْ إنَاثٌ" فقالَ اللهُ: { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }؛ عنها في الآخرةِ.