التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ
١١٢
-المائدة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ }؛ كأنه قالَ: اذكُرْ نِعمَتِي عليكَ إذْ قَالَ الْحَوَاريُّونَ.
وقولهُ تعالى: { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ }. قرأ الكسائيُّ (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ) بالتاءِ بإدغام ونصب الباءِ من رَبَّكَ، أي هل تقدرُ أن تسأَلَ رَبَّكَ؟.
وقد رُوي عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّها قالت: (كَانَ الْحَوَارِيُّونَ أعْلَمَ باللهِ مِنْ أنْ يَقُولُوا: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ؟) وفيه ثلاثةُ أقوالٍ:
أحدهم: أنَّ هذا السؤالَ كان في ابتداءِ أمرهم قبل أن تَستحكِمَ معرفتُهم باللهِ تعالى ولذلك أنكرَ عليهم عيسَى عليه السلام فقال: (اتَّقُوا اللهَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) لأنه لم يُسْتَكْمَلَ إيمانُهم في ذلك الوقتِ.
والقولُ الثاني: أنَّ معناهُ: هل يفعلُ ذلك كما يقول الرجلُ لآخرَ: هل تستطيعُ أن تقومَ معي في أمرِ كذا؟ أي هل أنتَ فاعلهُ؟
والقولُ الثالث: أنَّ معناهُ: هل يستجيبُ لكَ ربُّكَ؟ وهل يُطِيعُكَ إنْ سألتَهُ؟ كما تقولُ: استجابَ بمعنى أجابَ.
وَالْحَوَاريُّونَ: خواصُّ أصحاب عيسى عليه السلام. قال الحسنُ: (كَانُوا قَصَّارينَ) وقال مجاهدُ: (كَانُوا صَيَّادِينَ) وَقِيْلَ: كانوا مَلاَّحِينَ. وقال قتادةُ: (الْحَوَاريُّونَ: الْوُزَرَاءُ) وقال عكرمة: (هُمُ الأَصْفِيَاءُ) وكانوا اثنَى عشرَ رجُلاً.