مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
الصفحة الرئيسية
>
مكتبة التفاسير
>
كتب التفاسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ
١١٥
-المائدة
أضف للمقارنة
التفسير الكبير
قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ }؛ أي قالَ اللهُ: يا عيسَى إنِّي مُنزِلٌ المائدةَ عليكم. قرأ أهلُ المدينة والشامِ وقتادة وعاصم: (مُنَزِّلُهَا) بالتشديدِ؛ لأنها نزَلت مِرَاراً، والتفعيلُ يدلُّ على التكثيرِ مرَّةً بعدَ مرَّةٍ كقوله تعالى
{
{ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً }
[الإسراء: 106], وقرأ الباقون بالتخفيفِ كقوله: (أنزِلْ عَلَيْنَا).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ }؛ أي فمَن يكفُرْ بعدَ نُزول المائدةِ، وَقِيْلَ: بعد ما أكَلَ من المائدةِ، فإنِّي أُعذِّبهُ بجنسٍ من العذاب لا أعذِّبُ أحداً من عالَمي زمانِهم بذلك العذاب، وهو أن جعلَ اللهُ مَن كَفَرَ منهم بعد نزول المائدة خنازيرَ. وَقِيْلَ: أرادَ بهذا عذابَ الآخرةِ، كما رُوي عن ابنِ عمر أنه قالَ (أشَدُّ النَّاسِ عَذاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلاَثَةٌ: الْمُنَافِقُونَ، وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أصْحَاب الْمَائِدَةِ، وَآلَ فِرْعَوْنَ).
ورُوي عن ابنِ عبَّاس في سبب نُزول المائدةِ: (أنَّ عِيسَى كَانَ إذا خَرَجَ اتَّبَعَهُ خَمْسَةُ آلاَفِ رَجُلٍ أوْ أكْثَرُ مِنْ أصْحَابهِ الَّّذِينَ يَقْتَدُونَ بهِ، وَأهْلُ الزَّمَانَةِ وَالْمَرْضَى والبطارة، فَسَلَكَ بهِمْ ذاتَ يَوْمٍ الْقِفَارَ، فَفَنِيَ طَعَامُهُمْ وَجَاعُواْ جُوعاً شَدِيداً، فَأَعْلَمَ النَّاسُ تَلاَمِيذهُ الْحَوَارِيِّينَ قَالُواْ: إنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ حَقّاً فَلْيَدْعُ رَبَّهُ يُنَزِّلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ، فَكَلَّمَهُ فِي ذلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْحَوَاريِّينَ يُقَالُ لَهُ: شَمْعُونَ الصَّفَّارُ، فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ يَتَّقُوا اللهَ وَلاَ يَسْأَلُوا لأَنْفُسِهِمْ الْبَلاَءَ، فَإنَّهُمْ إنْ كَفَرُوا بَعْدَ نُزُولِهَا عَاقَبَهُمُ اللهُ. فَأَخْبَرَهُمْ شَمْعُونُ بذلِكَ، فَقَالُواْ: (نُرِيدُ أنْ نأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أنْ قَدْ صَدَقْتَنَا).
فَقَامَ عِيسَى
عليه السلام
فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَوْحَى اللهُ إلَيْهِ: (قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ)، ثُمَّ أنْزَلَ اللهُ مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ فَوْقَهَا مَنَديلُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا وَعِيْسَى يَبْكِي، حَتَّى اسْتَقَرَّتِ الْمَائِدَةُ بَيْنَ يَدَي عِيسَى وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، ثُمَّ كَشَفَ الْمِنْدِيلَ وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَإذا عَلَى الْمَائِدَةِ سَمَكَةٌ مَشْوِيَّةٌ لاَ شَوْكَ فِيهَا، وَالْوَدَكُ يَسِيلُ مِنْهَا، وَالْخَلُّ عِنْدَ رَأْسِهَا، وَالْمِلْحُ عَنْدَ ذنَبهَا، وَعَلَيْهَا أرْبَعَةُ أرْغِفَةٍ، وَعَلَيْهَا الْبَقُولُ إلاَّ الكُرَّاثُ - قالَ عطيَّةُ: (كَانَ فِي السَّمَكَةِ طَعْمُ كُلِّ شَيْءٍ).
فَقَالَ لَهُمْ عِيسَى: كُلُوا مِنْ رزْقِ رَبكُمْ، فَأَكَلُواْ مِنْهَا، وَرَجَعَتِ الْمَائِدَةُ كَمَا كَانَتْ، فَلَمَّا فَرَغَ الْقَوْمُ إلَى قَرَارِهِمْ، وَبَشَّرُوا هَذا الْحَدِيثَ لِسَائِرِ النَّاسِ، ضَحِكَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَقَالَ: وَيْحَكُمْ! إنَّهُ قَدْ سَحَرَ أعْيُنَكُمْ وَأخَذ بقُلُوبكُمْ. فَمَنْ أرَادَ اللهُ بهِ الخَيْرَ ثبَّتَهُ عَلى الصَّبْرِ، وَمَنْ أرَادَ فِتْنَتَهُ رَجَعَ إلَى كُفْرِهِ، فَلَعَنَهُم عِيْسَى فَبَاتُوا لَيْلَتَهُمْ، ثُمَّ أصْبَحُوا خَنَازيرَ يَنْظُرُ النَّاسُ إلَيْهِمْ، الذكَرُ ذكَرٌ وَالأُنْثَى أنْثَى وَيَلْعَنُوهُمْ، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ ثُمَّ هَلَكُواْ، وَلَمْ يَتَوَالَدُواْ وَلاَ طَعِمُواْ وَلاَ شَرِبُواْ).
وقال بعضُهم: لَمَّا دعَا عيسى ربَّهُ أن يُنزِّلَ عليهم مائدةً من السَّماء، أقبَلت الملائكةُ بمائدةٍ يحملونَها، عليها سبعةُ أرغفةٍ وسبعةُ أحْوَاتٍ حتى وضَعُوها بين أيديهم، فأكلَ منها آخرُهم كما أكلَ أوَّلُهم.
وقال الكلبيُّ: (دَعَا عِيسَى
عليه السلام
شَمْعُونَ الصَّفَّارَ، وَكَانَ أفْضَلَ الْحَوَارِيِّينَ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ طَعَامٌ؟ قَالَ: نَعَمَ؛ مَعِي سَمَكَتَانِ وَسَبْعَةُ أرْغِفَةٍ، قَالَ: عَلَيَّ بهَا، فَقَطَّعَهَا عِيسَى قِطَعاً صِغَاراً، ثُمَّ قَالَ: اقْعُدُوا وَتَرَافَقُوا رِفْقَةً، كُلُّ رفْقَةٍ عَشَرَةٌ، ثُمَّ قَامَ عِيسَى فَدَعَا اللهَ فَاسْتَجَابَ لَهُ، وَأنْزَلَ فِيهِ الْبَرَكَةَ، فَصَارَ خُبْزاً صِحَاحاً وَسَمَكاً صِحَاحاً، ثُمَّ قَالَ: كُلُوا بسْمِ اللهِ، فَجُعِلَ الطَّعَامُ يَكْثُرُ حَتَّى بَلَغَ رُكَبَهم، فَأَكَلُواْ كُلُّهُمْ وَفَضَلَ شَيْءٌ كَثِيرٌ.
وَكَانَ النَّاسُ يَوْمَئذٍ خَمْسَةَ آلاَفٍ وَنَيِّفاً، فَقَالَ النَّاسُ جَمِيعاً: نَشْهَدُ أنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ سَأَلُوهُ مَرَّةً أخْرَى، فَدَعَا عِيسَى فَأَنْزَلَ اللهُ خُبْزاً وَسَمَكاً وَخَمْسَةَ أرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَينِ، فَصَنَعَ بهَا مَا صَنَعَ بالْمَرَّةِ الأُولَى، فَلَمَّا رَجَعُوا إلَى بُيُوتِهِمْ وَنَشَرُوا هَذا الْحَدِيثَ، ضَحِكَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعَاينْ ذلِكَ، وَقَالُواْ لَهُمْ: إنَّمَا سَحَرَ أعْيُنَكُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ ثَبَّتَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَعَ إلَى كُفْرِهِ، فَمُسِخُوا خَنَازيرَ).
وعن سَلمان الفارسيِّ
رضي الله عنه
قال: (لَمَّا سَأَلَتِ الْحَوَاريونَ عِيسَى أنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ مَائِدَةً، لَبسَ صُوفاً وَبَكَى؛ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ، وَارْزُقْنَا عَلَيْهَا طَعَاماً نَأْكُلُهُ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازقِينَ، فَنَزَلَتْ سُفْرَةٌ حَمْرَاءُ بَيْنَ غَمَامَتَينِ، غَمَامَةٌ مِنْ فَوْقِهَا، وَغَمَامَةُ مِنْ تَحْتِهَا، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا مُنْقَضَّةً تَهْوِي حَتَّى نَزَلَتْ بَيْنَ أيْدِيهِمْ.
فَبَكَى عِيسَى وَصَلَّى وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَالْيَهُودُ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا لَمْ يَرَوا مِثْلَهُ قَطْ، وَلَمْ يَجِدُوا ريحاً أطْيَبَ مِنْ ريحِهِ. فَقَامَ عِيسَى فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكَعَتَينِ صَلاَةً طَوِيلَةً، وَبَكَى كَثِيراً.
وَكَشَفَ الْمِنْدِيلَ عَنْهَا وَقَالَ: بسْمِ اللهِ خَيْرِ الرَّازقِينَ، فَإذا هِيَ سَمَكَةٌ طَوِيلَةٌ مَشْوِيَّةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فُلُوسُهَا وَلاَ شَوْكَ فِيهَا، تَسِيلُ سَيْلاً مِنَ الدَّسَمِ، وَعِنْدَ رَأْسِهَا مِلْحٌ وَعِنْدَ ذَنَبهَا خَلٌّ، وَحَوْلَهَا مِنْ ألْوَانِ الْبَقُولِ مَا خَلاَ الْكُرَّاثَ، وَإذا خَمْسَةُ أرْغِفَةٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ، وَعَلَى الآخَرِ عَسَلٌ، وَعَلَى الثَّالِثِ بَيْضٌ، وَعَلَى الرَّابعِ خُبْزٌ، وَعَلَى الْْخَامِسِ قَدِيدٌ.
فَقَالَ شَمْعُونُ: يَا رُوحَ اللهِ أمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا هَذا أمْ مِنْ طَعَامِ الآخِرَةِ، فَقَالُوا: لاَ مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا وَلاَ مِنْ طَعَامِ الآخِرَةِ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أنْشَأَهُ اللهُ بقُدْرَتِهِ الْعَالِيَةِ، فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ يُمْدِدُكُمْ رَبُّكُمْ وَيَزِيدُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أرَيْتَنَا آيَةً أخْرَى؟
فَقَالَ عِيسَى
عليه السلام
: يَا سَمَكَةُ احْيَي بإذْنِ اللهِ، فَاضْطَرَبَتِ السَّمَكَةُ وَعَادَ علَيْهَا فلُوسُها وَشَوْكُهَا، فَفَزِعُواْ مِنْ ذلِكَ. فَقَالَ: مَا لَكُمْ تَسْأَلُونَ أشْيَاءَ فَإذا أعْطِيتُمُوهَا كَرِهْتُمُوهَا؟ مَا أخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ أنْ تُعَذبُوا، يَا سَمَكَةُ عُودِي كَمَا كُنْتِ بإذْنِ اللهِ تَعَالَى، فَعَادَتْ مَشْوِيَّةً كَمَا كَانَتْ.
فَقَالُوا: يَا رُوحَ اللهِ كُنْ أنْتَ أوَّلَ مَنْ يَأْكُلُ مِنْهَا ثُمَّ نَأْكُلُ نَحْنُ، فَقَالَ: مَعَاذ اللهِ أنْ آكُلَ مِنْهَا، وَلَكِنْ يَأْكُلُ مِنْهَا مَنْ سَأَلَهَا. فَخَافُوا أنْ يَأْكُلُواْ مِنْهَا، فَدَعَا عِيسَى أهْلَ الْفَاقَةِ وَالْمَرْضَى وَأهْلَ الْبَرَصِ وَالْجُذامِ وَالْمُقْعَدِينَ وَالْمُبْتَلِينَ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ رزْقِ اللهِ لَكُمْ الْمَهَنَأُ وَلِغَيْرِكُمُ الْبَلاَءُ، فَأَكَلُوا مِنْهَا فَصَدَرَ عَنْهَا ألْفٌ وَثَلاَثُمِائَةٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَاَةٍ وَفَقِيرٍ وَزَمِنٍ وَأبْرَصٍ وَمُبْتَلَى كُلُّهُمْ شَبْعَانُ يَتَجَشَّأُ.
ثُمَّ نَظَرَ عِيسَى إلَى السَّمَكَةِ فَإذا هِيَ كَهَيْأَتِهَا، وَطَارَت الْمَلاَئِكَةُ بالْمَائِدَةِ صُعُداً وَهُمْ يَنْظُرُونَ إلَيْهَا حَتَّى تَوَارَتْ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَأْكُلْ يَوْمَئِذٍ مِنْهُمْ زَمِنٌ إلاَّ صَحَّ، وَلاَ مَرِيضٌ إلاَّ بَرِئَ، وَلاَ مُبْتَلًى إلاَّ عُوفِيَ، وَلاَ فَقِيرٌ إلاَّ اسْتَغْنَى وَلَمْ يَزَلْ غَنِيّاً حَتَّى يَمُوتَ، وَنَدِمَ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا مِنَ الْحَوَاريِّينَ.
وَكَانَتْ إذا نَزَلَتْ اجْتَمَعَ الأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَالضُّعَفَاءُ وَالْكِبَارُ وَالصِّغَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَأى ذلِكَ عِيسَى جَعَلَهَا نَوْبَةً بَيْنَهُمْ، فَلَبثَتْ أرْبَعِينَ صَبَاحاً تَنْزِلُ صُبْحاً، فَلاَ تَزَالُ مَنْصُوبةً يَأْكُلُونَ مِنْهَا حَتَّى إذا فَاءَ الْفَيْءُ طَارَتْ صُعُداً وَهُمْ يَنْظُرُونَ، وَكَانَتْ تَنْزِلُ يَوْماً وَلاَ تَنْزِلُ يَوْماً، يَعْنِي كَانَتْ تَنْزِلُ غُبّاً كَنَاقَةِ صَالِحَ
عليه السلام
، فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إلَى عِيسَى
عليه السلام
: اجْعَلْ مَائِدَتِي وَرزْقِي لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الأَغْنِيَاءِ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَى الأَغْنِيَاءَ حَتَّى شَكَوا وشَكَّكُوا النَّاسَ فِيهَا، وَقَالُوا: تَرَونَ الْمَائِدَةَ حَقّاً نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ؟!
فَقَالَ لَهُمْ عِيسَى
عليه السلام
: هَلَكْتُمْ بعَذاب اللهِ تَعَالَى، فَأَوْحَى اللهُ إلَيْهِ: أنِّي شَرَطْتُ عَلَى الْمُكَذِّبينَ شَرْطاً أنَّ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ نُزُولِهَا عَذبْتُهُ عَذاباً لاَ أعَذِّبُهُ أحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ. فَقَالَ عِيسَى: إنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَإنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإنَّكَ أنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
فَمَسَخَ اللهُ مِنْهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةٌ وَثَلاَثُونَ رَجُلاً، بَاتُوا مِنْ لَيْلَتِهِمْ عَلَى فُرُشِهِمْ مَعَ نِسَائِهِمْ، فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ خَنَازيرَ يَسْعَوْنَ فِي الطُّرُقَاتِ وَالْكِنَاسَاتِ، وَيَأْكُلُونَ الْعُذْرَةَ، فَلَمَّا رَأى النَّاسُ ذلِكَ فَزِعُوا إلَى عِيسَى
عليه السلام
، وَبَكَى عَلَى الْمَمْسُوخِينَ أهْلُوهُمْ، فَلَمَّا أبْصَرَتِ الْخَنَازِيرُ عِيسَى
عليه السلام
بَكَتْ وَجَعَلَتْ تَطِيفُ بعِيسَى، وَجَعَلَ عِيسَى يَدْعُوهُمْ بأَسْمَائِهِمْ وَاحِداً وَاحِداً، فَيَبْكُونَ وَيَشِيرُونَ برُؤُوسِهِمْ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى الْكَلاَمِ، فَعَاشُوا ثلاثَةَ أيَّامٍ وَهَلَكُواْ).
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة