التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٤
-المائدة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ }؛ معناهُ: أن يُقتَّلوا أو يُصَلَّبوا إلاَّ الذين تَابُوا من قطعِ الطَّريق من قبلِ أن يقدرَ عليهم الإمامُ، { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ }؛ لعبادهِ، { رَّحِيمٌ }؛ بهم بعدَ التوبةِ.
روى الشعبيُّ: أنَّ حَارثَةَ بْنَ زَيْدٍ خَرَجَ مُحَارباً فِي عَهْدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَأَخَافَ السُّبُلَ وَسَفَكَ الدِّمَاءَ وَأخَذ الأَمْوَالَ، ثُمَّ جَاءَ تَائِباً فَأَتَى الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَطَلَبَ إلَيْهِ أنْ يَسْتَأْمِنَ لَهُ عَلِياً كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ فَأَبَى، فَأَتَى عَبْدَاللهِ بْنَ جَعْفَرَ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَأَتَى سَعْدَ بْنَ قَيْسٍ الْهَمَدَانِيَّ فَقَبلَهُ وَضَمَّهُ إلَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى عَلِيٌّ رضي الله عنه صَلاَةَ الْغَدَاةِ، أتَى سَعْدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمَدَانِيُّ وَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِيْنَ؛ مَا جَزَاءُ الَّّذِينَ يُحَاربُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ: أنْ يُقَتَّلُواْ أوْ يُصَلَّبُواْ أوْ تُقَطَّعَ أيْدِيَهُمْ وَأرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ. قَالَ: مَا تَقُولُ فِيْمَنْ تَابَ مِنْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: أقُولُ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: { إلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فَقَالَ سَعْدُ بْنُ قَيْسٍ: وَإنْ كَانَ حَارثَةَ بْنَ زَيْدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَجَاءَ بهِ إلَيْهِ، فَبَايَعَهُ وَأمَّنَهُ وَكَتَبَ لَهُ أمَاناً مَنْشُوراً، فَقَالَ حَارثَةُ:

ألاَ أبْلِغَنَّ هَمَدَان إمَّا لَقِيتَهَا عَلَى النَّأْي لاَ يَسْلَمْ عَدُوٌّ يَعِيبُهَا
لَعَمْرُو أبيهَا إنَّ هَمَدَانَ تَتَّقِى الـ إلَهَ وَيَقْضِى بالكِتَاب خَطِيبُهَا