التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٧
-المائدة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ }؛ أي احْفَظُوا نِعَمَ اللهِ عليكم، وإنما ذكره بلفظِ النِّعْمَةِ؛ لأنهُ ذهبَ فيه مَذْهَبَ الجنسِ، { وَمِيثَاقَهُ } أي عهده الذي عاهَدَكُم به. قال ابنُ عبَّاس والحسنُ: يَعْنِي الْمِيْثَاقَ الَّذِي أخَذهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذُرِّيَّةِ آدَمَ حِيْنَ أخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبهِ، وقال: { { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [الأعراف: 172].
وقال السُّدِّيُّ: (أرَادَ بالْمِيْثَاقِ هُنَا مُبَايَعَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي كُلِّ مَا أمَرَ بهِ أوْ نَهَى فِي حَالِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالرِّضَا وَالْكُرْهِ). وَهَذا أقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ الآيَةِ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى ذَكَّرَهُمْ الميثاقَ وهم لا يحفظونَ الميثاقَ الذي من وَقْتِ آدمَ.
وَقِيْلَ: أرادَ به العهدَ الوثيقَ الذي أخَذهُ اللهُ على جميعِ عبادهِ في أوامرهِ ونواهيه فَسَمِعُوهُ وقَبلُوهُ وآمَنُوا به على ما فَسَّرَ اللهُ بقولهِ: { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا }؛ قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ }؛ أي اخْشَوا عِقَابَهُ في نقضِ الميثاقِ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }؛ أي بما في القلوب من الوَفَاءِ والنَّقْضِ، وذاتُ الصُّدُور ما تَضَمَّنَتْهُ الصُّدورُ وهي القلوبُ.