التفاسير

< >
عرض

أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢٢
-الأنعام

التفسير الكبير

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ }، قال ابنُ عبَّاس: (نَزَلَتْ فِي عَمَّار بْنِ يَاسِرٍ، وَأبِي جَهْلٍ). ويقالُ: إنَّ المرادَ بالآية النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأبو جَهْلٍ. ومعنى الآيةِ على القولِ الأَوَّل: أوَمَنْ كَانَ كافراً، فهديناهُ إلى المغفرةِ والإسلامِ، { وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً }؛ وهو نورُ القُرْآنِ والإيْمَانِ والحكمةِ؛ { يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ }؛ يضيءُ بذلك النور فيما بين النَّاسِ؛ { كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ }؛ أي كَمَثَلِ مَن هو في الضَّلاَلة وظُّلُمَاتِ الكفرِ، { لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا }؛ أبَداً.
بيَّنَ اللهُ تعالى بهذه الآيةِ أنَّ أبا جَهْلٍ ليسَ بخارجٍ من الضَّلالة أبداً. وقال بعضُهم: الْمِثْلُ زائدٌ؛ تقديره: كَمَنْ في الظُّلُمَاتِ.
وعن ابنِ عبَّاس أيضاً: (أنَّ مَعْنَاهُ: { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ } يُرِيْدُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِب { كَمَن مَثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا } أبَا جَهْلٍ؛ رَمَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَحَمْزَةُ كَافِرٌ، فَأُخْبرَ حَمْزَةُ بمَا فَعَلَ أبُو جَهْلٍ وَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ قًنْصِهِ يَفُوتُ وَبيَدِهِ قَوْسٌ، فَأَقْبَلَ وَهُوَ غَضْبانٌ حَتَّى عَلاَ أبَا جَهْلٍ بالْقَوْسِ وَهُوَ يَتَضَرَّعُ وَيَسْتَكِيْنُ وَيَقُولُ: أمَا تَرَى مَا جَاءَ بهِ مُحَمَّداً، قَدْ سَفَّهَ عُقُولَنَا وَسَبَّ آلِهَتَنَا وَخَالَفَ آبَاءَنَا. فَقَالَ حَمْزَةُ: وَمَنْ أسْفَهُ مِنْكُمْ؟! تَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ مِنْ دُونِ اللهِ، أنَا أَشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ؛ وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }؛ أي كما زُيِّنَ لأبي جَهْلٍ عملهُ الذي كان يعملُ؛ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ أعمالُهم مجازاةً لَهم على كُفْرِهم. وقال الحسنُ: (مَا زَيَّنَهَا لَهُمْ إلاَّ الشَّيْطَانُ).