التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٢٥
-الأنعام

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً }؛ قال ابنُ عبَّاس: (وَذلِكَ أنَّ أبَا سُفْيَانَ وَالْوَلِيْدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالنَّضِرَ بْنَ الْحَارثِ وَأُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ؛ كَانُواْ يَسْمَعُونَ إلَى حَدِيْثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قََالُواْ لِلنَّضِرِ: مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: لاَ أدْرِي مَا يَقُولُ؟ إلاَّ أنِّي أرَاهُ مُحَرِّكاً شَفَتَيْهِ وَيَتَكَلَّمُ بشَيْءٍ وَلاَ يَقُولُ إلاَّ أَسَاطِيْرَ الأَوَّلِيْنَ مِثْلَ مَا كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ. وَكَانَ النَّضِرُ كَثِيرَ الْحَدِيْثِ عَنِ الْقُرُونِ الأَوَّلِيْنَ وَأَخْبَارهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ).
ومعناهَا: ومِن أهلِ مكة من يستمعُ إلى حديثكَ وقراءتك، وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبهِمْ أغْطِيَةً كراهةَ أنْ يَفْقَهُوهُ؛ وَفِي آذانِهِمْ ثُقْلاً وصَمَماً، فلا يسمعونَ الْهُدَى. وموضعُ { أَن يَفْقَهُوهُ } نُصِبَ على أنه مفعولٌ له؛ أي جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبهِمْ أكِنَّةً لِكَرَاهَةِ أنْ يَفْقَهُوهُ. والوَقْرُ بفتح الواو: الثِّقَلُ فِي الأُذُنِ، والوِقْرُ بكسر الواو: مَا يُحْمَلُ عَلَى الظَّهْرِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا }؛ أي وإن يروا كُلَّ حُجَّةٍ ودلالةٍ لا يُقِرُّوا ولا يصدِّقوا بها.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ }؛ أي يُخَاصِمُونَكَ بالباطل؛ { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }؛ أي يقولُ النَّضِرُ بن الحارثِ وأصحابُه: مَا هَذا إلا أحاديثُ الأوَّلِين وأباطيلُهم.