التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ ٱلْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ
٥٧
-الأنعام

التفسير الكبير

وقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ }؛ أي قُلْ يا مُحَمَّد: إنِّي على بَصِيْرَةٍ وبيانٍ مِن أمرِ ربي؛ لاَ مُتَّبعٌ للهَوى، { وَكَذَّبْتُم بِهِ } أي بالبيانِ، وإنَّما ذكَرَ الكنايةَ لأن البيِّنةَ والبيانَ بمعنى واحدٍ. ويجوزُ أن يكون معناهُ: وكذبتُم بما آتيتُكم به؛ وهو الْقُرآنُ. ومعنى البيِّنةِ: الدلالةُ بينَ الحقِّ والباطلِ.
قَوْلَهُ تَعَالَى: { مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } رُوي: أنَّ رؤساءَ قريشٍ كانوا يستعجلونَ العذابَ، حتى قامَ النضرُ بن الحارثِ في الحَطِيْمِ وقالَ: اللَّهُمَّ إنْ كان ما يقولُ مُحَمَّدٌ حقّاً فَأْتِنَا بالْعَذاب، فَنَزلت هذه الآيةُ.
وقيل: معناه: { مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } من الآياتِ التي تقترحونَها. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ }؛ أي ما القضاءُ وتنْزيل الآياتِ إلاَّ لله، { يَقُصُّ ٱلْحَقَّ }؛ أي يَحْكُمُ بالعدل ويقضي القضاءَ الحقَّ، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ }؛ أي أعدلُ الْفَاصِلِيْنَ.
ومن قرأ (يُقِِضُّ الْحَقَّ) بالضادِ المشدَّدة، فمعناهُ: يُبَيِّنُ ويَأْمُرُ به، ومن قرأ (يَقْضِي) أي يَحْكُمُ. وقرأ ابن عبَّاس: (يَقْضِي بالْحَقِّ). وأما سقوطُ الياءِ في قراءة من قرأ (يَقُضِّ) فإِنَّها سقطت في الخطِّ لالتقاء السَّاكنَين، كما في قولهِ تعالى:
{ سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } [العلق: 18] { يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ } [القمر: 6]. وفي جميعِ المصاحف: (يَقْضِ) بغيرِ ياءٍ.