التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
٦
-الأنعام

التفسير الكبير

قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ }؛ أي ألَمْ يعلم أهلُ مكَّة كم أهلَكنا من قبلهم من قرنٍ بكفرهم، مثلَ قومِ نُوح وعَاد وثَمود, { مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ }؛ وأمهلناهم في العُمْرِ والولد ورفعِ الموانع ما لَمْ نُمْهلْ لكم، { وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً }؛ أي فأنزلنا عليهم المطرَ دَارّاً دائماً يتبعُ بعضُه بعضاً، { وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ }؛ "أي مِنْ تَحْتِ" أشجارِهم وبساتينهم، فلم يشكرُوا وعَصَوا ربَّهم وكذبوا رسلَهُم، { فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ }؛ بكفرهم وتكذيبهم، { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ }؛ أي مِن بعدِ هلاكِهم، { قَرْناً }؛ قَوْماً، { آخَرِينَ }؛ فسكَنُوا ديارَهم، ثم بُعِثْتْ إليهم الرُّسلُ، فمن لم يأخُذْ بِملَّةِ الرُّسُل ومنهاجهم أهلكَهم الله.
والقَرْنُ - في قول أكثرِ المفسِّرين -: أهلُ عَصْرٍ واحدٍ، سُمُّوا قَرْناً؛ لاقترانِهم في قَرْنٍ واحد. ويقالُ: أهلُ كلِّ عصرٍ فيهم نبِيٌّ أو عالِمٌ، لاقترانِهم بالنبوَّة والعلم، كما قال صلى الله عليه وسلم:
"خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثمَّ الَّذِيْنَ يَلُونَهُمْ" وأرادَ بالقرن، الأوَّل: الصَّحابةَ، وبالثانِي: التابعين، وبالثالِث: تابعِي التابعين. واختلفُوا في مدَّة القرن؛ قال بعضُهم: ثَمَانُونَ سنةً، وقيل: مِائةُ سنةٍ، وبين القرنين ثَمَانِي عشرةَ سنَةً.