التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٠٠
-التوبة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ }؛ أرادَ بالسَّابقِينَ الذين سَبَقوا إلى الإيمان، وهم الذين صَلَّوا إلى القِبلَتَين وشَهِدُوا بَدْراً، وقال الشعبيُّ: (هُمْ الَّذِينَ بَايَعُوا بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ بالْحُدَيْبيَةِ)، وَقِيْلَ: همُ الذين أنفَقُوا قبلَ الهجرةِ، كما قَالَ اللهُ تَعَالَى: { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ } [الحديد: 10].
وإنَّما مَدَحَ السابقين لأن السابقَ إمامٌ للتالي، وقولهُ تعالى: { وَٱلأَنْصَارِ } عطفٌ على المهاجرين، وقرأ بعضُهم (وَالأنْصَارُ) بالرفعِ عطفاً على السَّابقين، وعن عمر رضي الله عنه: (وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ) بغيرِ الواو، وسمِعَ رجُلاً قرأ (وَالَّذِينَ) بالواوِ فقالَ: مَنْ أقْرَأكَ هَذِهِ الآيَةَ؟ قَالَ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: لاَ تُفَارقْنِي حَتَّى أذهَبَ بكَ إلَيْهِ، فَلَمَّا أتَاهُ قَالَ لَهُ: يَا أُبَيُّ أقْرَأتَهُ هَذِهِ الآيَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ عُمَرُ رضي لله عنه: كُنْتُ أظُنُّ أنَّا ارْتَفَعْنَا رفْعَةً لاَ يَبْلُغُهَا أحَدٌ بَعْدَهَا، فَقَالَ أُبَيُّ: تَصْدِيقُ هَذِهِ الآيَةِ أوَّلُ سُورَةِ الْجُمُعَةِ
{ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } [الآية: 3] وَأوْسَطُ سُورَةِ الْحَشْرِ { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ } [الآية: 10].
وقوله تعالى: { بِإحْسَانٍ } والإحسانُ هو فعلُ الحسَنِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: { رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ }؛ أي رَضِيَ اللهُ عنهم بإحسانِهم، ورَضُوا عنه بالثَّواب والكرامةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }؛ في هذا الموضعِ بغير (مِنْ) إلا ابنَ كثير فانه يقرأ (مِنْ تَحْتِهَا).