التفاسير

< >
عرض

لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١١٠
-التوبة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ }؛ أي لا يزالُ بنيانُهم مسجدَ الضرار حيرةً متردِّدة في قلوبهم، ويقال شَكّاً واضطِرَاباً، يعني أن شَكَّهم لا يزالُ وإن زيلَ ذلك البناءُ، بل يبقى ذلك في قلوبهم حتى خابَ أمَلُهم، اشتدَّ أسَفُهم بأنْ بعثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عامر بن قيس وَوَحشياً مولَى مُقَطَّمِ بن عدِيٍّ فخرَّباهُ وهدَماهُ، ثم أمرَ الأنصارَ بإلقاءِ الجِيَفِ والعَذْرَاتِ الكِنَاسَاتِ فيه، إذ لم يُبْنَ لله تعالى، فبَقِيَ ذلك حسرةً وندامة في قلوب المنافقين حتى تقطَّع قلوبُهم؛ أي حتى يموتَ على ذلك.
ويقالُ: معناهُ: لا يزالون شاكِّين حين يموتُوا، فإذا ماتُوا صاروا إلى اليقينِ حيث لا ينفعُهم اليقين قال السديُّ: (مَعْنَاهُ: لاَ يَزَالُ هَدْمُ بُنْيَانِهِمْ الَّذِي بَنَوْهُ ريبَةً فِي قُلُوبهِمْ؛ أيْ حَزَازَةً وَغَيْظاً فِي قُلُوبهِمْ؛ أيْ أنْ تَصَدَّعَ قُلُوبُهُمْ فَيَمُوتُوا).
وقرأ الحسنُ ويعقوب أي (إنْ) مخفَّفاً على الغايةِ، يدلُّ عليه تفسيرِ الضحَّاك وقتادة، ولا يزالون في شَكٍّ منه إلى أن يَموتُوا فيستيقِنوا ويتبيَّنوا، قرأ شيبةُ وابن عامر وحمزة وحفص (تَقَطَّعَ) بفتح التاءِ وتشديد الطاءِ المعنى تتقطعُ، ثم حُذفت إحدَى التائَين، وقرأ ابنُ كثير ومجاهد ونافعٌ وعاصم وأبو عمر والكسائي (تُقَطَّعَ) بضم التاء وتشديد الطاء على غيرِ تسمية الفاعل، وقرأ يعقوب (تُقْطَعَ) بضم التاء خفيفة الطاء من القطعِ. وروي عن ابنِ كثير بفتحِ التاء خفيفة، (قُلُوبَهُمْ) نصباً أي بفعلِ ذلك أنتَ بهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }؛ أي عليمٌ بأعمالِكم، حكيمٌ في ما حَكَمَ من هدمِ مسجدهم وأظهرَ نفاقَهم.