التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٢٨
-التوبة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ }؛ هذا خطابٌ لأهلِ مكَّة، والمعنى: لقد جاءَكم رسولٌ من أهلِ نَسَبكم ولسانكم، شريفُ النَّسَب تعرفونَهُ وتفهمون كلامَهُ. وإنما قالَ ذلك؛ لأنه أقربُ إلى الأُلفَةِ. وَقِيْلَ: إن هذا خطابٌ لجميعِ الناس، معناه: جاءَكُم آدمِيٌّ مثلُكم، وهذا أوكدُ للحجَّة عليكم؛ لأنَّكم تفهمون عن مَن هو من جنسِكم.
وقرأ ابنُ عبَّاس والزهري (مِنْ أنْفَسِكُمْ) بفتحِ الفاء؛ أي من أشرَفِكم وأفضَلِكم، مِن قولِكَ: شيءٌ ذو نَفَسٍ، وقال: كان مِن أعلاكُم نسَباً، قَوْلُهُ تَعَالَى: { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } أي شديدٌ عليه عَنْتُكُمْ وإثْمُكم، العَنَتُ: الضيِّقُ والمشقَّةُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ }؛ أي حريصٌ على إيمانكِم وهُداكم أنْ تُؤمِنُوا فتَنجُوا من العذاب وتفوزُوا بالجنَّة والثواب، والحِرْصُ: شدَّةُ الطَّلَب للشيء مع الاجتهادِ فيه. قَوْلُهُ تَعَالَى: { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }؛ كلامٌ مستأنفٌ: أي وهو شديدُ الرحمةِ لجميع المؤمنين، رفيقٌ لِمَن اتَّبعَهُ على دينهِ.