التفاسير

< >
عرض

وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣
-التوبة

التفسير الكبير

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ }؛ أي وإعلامٌ من اللهِ ورسوله إلى الناسِ يومَ الحجِّ الأكبرِ وهو يومُ النحرِ، كذا روَى ابنُ عبَّاس، وسُمي يومُ النحرِ يومَ الحجِّ الأكبرِ؛ لأنه اتَّفقَتْ فيه الأعيادُ على قولِ أهل الْمِلَلِ. وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أنَّهُ يَوْمَ عَرَفَةَ" ، قال قيسُ ابن مَخْرَمَةَ: "خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَقَالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فَإنَّ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ" .
ويروى أنَّ عَلِيّاً رضي الله عنه خرجَ يوم النَّحرِ على بغلةٍ بيضاءَ إلى الجبانة، فجاءَهُ رَجُلٌ فأخَذَ بلِجَامِهَا وسَأَلَهُ عن يومِ الحجِّ الأكبرِ، فقال: (هُوَ يَوْمُكَ هَذَا، خَلِّ سَبيلَهُ). وسُئلَ عبدُاللهِ بن أبي أوفَى عن يومِ الحجِّ الأكبرِ، فقالَ: (سُبْحَانَ اللهِ! هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمَ يُهْرَاقُ فِيْهِ الدِّمَاءُ وَنَحْلِقُ فِيْهِ الشَّعْرَ وَيُحَلُّ فِيْهِ الْمُحَرَّمُ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَذَانٌ } عطف على قوله: { بَرَآءَةٌ }. قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } أي أن اللهَ ورسولهُ برِيءٌ من المشركين، تقديرهُ: أنَّ اللهَ برِيءٌ ورسولهُ أيضاً بَرِيءٌ. ومَن قرأ (وَرَسُولَهُ) بالنصب فعلى معنَى وأن رسولَهُ بريءٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ }؛ أي تبتُم من الشِّرك فهو خيرٌ لكم من الإقامةِ عليه. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن تَوَلَّيْتُمْ }؛ معناهُ: وإنْ أعرَضتُم، { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي }؛ فَائِتِينَ عن؛ { ٱللَّهِ }.
وقولهُ تعالى: { وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }؛ تكرارٌ للوعيدِ، وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: (كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالبَرَاءَةَ إلَى مَكَّةَ) فَقِيلَ لأَبي هُرَيْرَةَ: بمَ إذاً كُنْتُمْ تُنَادُونَ؟ قََالَ: (كُنَّا نُنَادِي: أنَّهُ لاَ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَحُجَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مَشْرِكٌ وَلاَ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ فَأَجَلُهُ إلَى أرْبَعَةِ أشْهُرٍ، فَإذَا مَضَتْ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ فَإنَّ الله بَرِيءٌ مِنْ عَهْدِ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ).