التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٤٤
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ
٤٥
-يونس

تأويلات أهل السنة

قوله - عز وجل -: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } يخبر أن ما حل بأولئك من عذاب استئصال، إنما حل بظلمهم، [لا بظلم] من الله تعالى وقوله - عز وجل -: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ }. لم يلبسوا إلا ساعة من النهار، قال: في قبورهم يتعارفون بينهم إذا خرجوا من قبورهم. وقال بعضهم من أهل التأويل: { كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ }: في الدنيا، وأصله كأنهم استقلوا طول مقامهم في الدنيا وما أنعموا فيها؛ لما عاينوا من أهوال ذلك اليوم وشدائده، أو استقلوا لبثهم [في الدنيا] ومقامهم؛ لطول مقامهم في الآخرة في العذاب.
وفيه وجه ثان: وهو أنه يذكر من شدة سفههم وغاية جهلهم أن ما يعدهم من الحشر والعذاب الأبد كأنهم لا يلبثون فيها إلا ساعة من النهار، حتى لا يبالوا ما يلحقهم من ذلك وما يستوجبون عليه من العذاب باكتسابهم [من] تلك الأسباب.
وقوله - عز وجل -: { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } أي: يعرف بعضهم بعضا على قدر ما يلعن بعضهم بعضاً؛ كقوله:
{ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [العنكبوت: 25]. وعلى قدر ما يتبرأ بعضهم من بعض ثم يفرق بينهم كقوله: { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } [يونس: 28]، أي: فرقنا بينهم.
وقوله - عز وجل -: { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ } أي: خسروا بما وعدوا في الآخرة من النعم الدائمة بترك اكتسابهم إياها؛ إذ قد أعطوا ما يكتسبون به نعم الآخرة، فاكتسبوا ما به خسروا ذلك؛ فهو كقوله:
{ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } [البقرة: 175] أي: ما أصبرهم على اكتساب ما به يستوجبون النار.
والثاني: [قد] خسروا [...].