التفاسير

< >
عرض

الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ
١
إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
٢
-يوسف

تأويلات أهل السنة

قوله - عز وجل -: { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ }.
ذكر تلك، وهي كلمة إشارة إلى شيء سبق ذكره، ولم يتقدم فيه ذكر شيء يشار إليه، وذكر آيات - أيضاً - وليس هنالك ذكر آيات أو شيء يكون آية في الظاهر، لكنه يشبه أن يكون قوله: { تِلْكَ } بمعنى: هذه آيات، ويجوز استعمال "تلك" مكان "هذه"، على ما يجوز ذكر "ذلك" مكان "هذا"؛ كقوله:
{ الۤـمۤ * ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [البقرة: 1-2]، أي: هذا الكتاب.
أو أن يكون قوله: { تِلْكَ } إشارة إلى ما في السماء، أي: الذي في السماء آيات الكتاب.
أو يقول: { تِلْكَ } إشارة إلى [ما في اللوح المحفوظ أو إشارة إلى] ما في الكتب المتقدمة، أي: تلك آيات الكتاب.
{ ٱلْمُبِينِ } يحتمل المبين أنها آيات الرسالة، أو بين أنها من عند الله.
وقوله: { آيَاتُ ٱلْكِتَابِ } هذا - أيضاً - يشبه أن يخرج على وجهين:
أحدهما: إشارة إلى الحروف المقطعة المعجمة فقال: تلك الحروف المقطعة إذا جمعت كانت آيات الكتاب.
أو أن يكون الله أراد أمراً لا نعلم ما أراد، فيقول: { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ }، أي: ذلك الذي أراد هو آيات الكتاب، والله أعلم بما أراد.
وقوله: { ٱلْمُبِينِ }.
قيل: { ٱلْمُبِينِ }، أي: ليبين فيه الحلال والحرام، وما يؤتى وما يتقى؛ كقوله:
{ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } [النحل: 89].
وقال بعضهم: ليبين بركته وهداه ورشده، أو بين فيه الحق من الباطل، والعدل من الجور.
والكتاب هو اسم ما يكتب، وسمي قرآناً؛ لما يقرأ، وكتاباً؛ لما عن كتاب أخذ ورفع والقرآن لما قرئ عليه.
وقوله - عز وجل -: { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } قوله: { أَنْزَلْنَاهُ }: الهاء كناية عن الكتاب الذي تقدم ذكره.
{ قُرْآناً عَرَبِيّاً } أنزله بلسان العرب، ولا ندري بأي لسان كان في اللوح المحفوظ، غير أنه أخبر أنه أنزله بلسان العرب، وهكذا كل كتاب أنزل إنما أنزل بلسان المنزل عليهم، لم ينزل بغير لسانهم.
وقوله - عز وجل -: { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }.
ما لكم وما عليكم، وما تأتون وما تتقون، أو تعقلون أن هذه الأنباء التي يخبركم بها محمد صلى الله عليه وسلم من الله - تعالى - لأنها كانت في كتبهم بغير لسانه، فأخبر على ما كانت في كتبهم؛ دل أنه إنما عرف ذلك بالله تعالى.
أو لعلكم تعقلون بأن فيه شرفكم؛ لأنكم تصيرون متبوعين لما يحتاج الناس إلى معرفة ما فيه، ولا يوصل ذلك إلا بكم فتكونون متبوعين والناس أتباع لكم؛ وهو كقوله:
{ لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } [الأنبياء: 10]، قال أهل التأويل: أي: فيه شرفكم، والله أعلم.