التفاسير

< >
عرض

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ
٥٤
أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
٥٥
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
٥٦
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٥٧
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ
٥٨
-النمل

تأويلات أهل السنة

قوله: { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ }: كأن فيه إضماراً كأنه قال: أرسلنا لوطاً إلى قومه.
{ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } أي: أتاتون الفاحشة وأنتم تبصرون، وتعلمون أنها فاحشة.
{ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً } أي: اشتهاء لكم { مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ }: يقول: تأتون الذكور وتدعون النساء، وهو ما قال في آية أخرى:
{ أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَالَمِينَ... } الآية [الشعراء: 165].
وقوله: { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }: قال بعضهم: ولكن أنتم قوم تجهلون، أي: تجهلون الأمر فتعصون.
ويشبه أن هذا جواب قول كان من قومه نحو ما قالوا:
{ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُخْرَجِينَ } [الشعراء: 167]، فقال عند ذلك: { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } ما تقولون، أي: على جهل ما تقولون ذلك، أو كلام نحوه، والله أعلم.
وقوله: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ }.
قوله: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } في وقت إلا أن قالوا كذا، لا في الأوقات كلها؛ لأنه قد كان منهم قول وجوابات نحو ما قالوا:
{ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ... } الآية [العنكبوت: 29] ونحوه، وقولهم: { إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }؛ دل هذا منهم أنهم قد علموا أن ما يأتون ويعملون أنه خبيث وفحش ومنكر حيث قالوا: { إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }.
ثم يحتمل قولهم هذا وجوهاً:
أحدها: أنهم قالوا ذلك استهزاء منهم بهم.
والثاني: قالوا: { أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ }؛ فإنهم يستقذرون أعمالنا وأفعالنا.
والثالث: على التحقيق { إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ }.
وقوله: { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } فيه دلالة أن غير الزوجة يجوز أن يسمى أهلا.
قال عامة أهل التأويل: أهله: بناته.
وفي قوله: { قَدَّرْنَاهَا مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } دلالة خلق أفعال العباد؛ حيث أخبر أنه قدرها من الغابرين، والغبور والبقاء فعلها، فأخبر أنه قدر ذلك منها وخلق.
وقوله: { مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } أي: الباقين في عذاب الله.
وفي حرف ابن مسعود: { ولقد وفينا إليه أهله كلهم إلا عجوزا في الغابرين }.
وقوله: { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } أي: ساء مطر المنذرين الذين لم يقبلوا الإنذار، ولم تنفعهم النذارة.