التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ
٢٨
قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٩
-آل عمران

تأويلات أهل السنة

قوله: { لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يحتمل وجهين:
يحتمل: { لاَّ يَتَّخِذِ }، أي: لا يكونون أولياء لهم، وإن اتخذوا أولياء؛ بل هم لهم أعداء؛ كقوله:
{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ... } [المجادلة: 22] إلى آخر الآية.
ويحتمل: على النهي، أي: لا تتخذوا أولياء؛ كقوله:
{ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } [الممتحنة: 1]؛ وكقوله: { لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ } [المائدة: 51].
وقوله: { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً }: اختلف فيه: قيل: إلا أن يكون بينكم وبينهم قرابة ورحم؛ فتصلون أرحامهم من غير أن تتولوهم في دينهم، على ما جاء عن علي - [رضي الله عنه] -
"أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات أبوه أبو طالب -: إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ تُوفيِّ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذْهَبْ فَوَارِهِ" .
ويحتمل قوله: { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ } على أنفسكم { مِنْهُمْ تُقَـٰةً }، إلا أن تخافوا منهم فتظهروا لهم ذلك مخافة الهلاك، وقلوبكم على غير ذلك.
وعن ابن عباس - رضي الله عنه -: "التَّقِيَّةُ: التَّكَلُّمُ بِاللِّسَانِ، وَقَلْبُه مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ".
وقوله: { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ }:
قيل: عقوبته.
[وقيل: نقمته؛ يقول الرجل لآخر: احذر فلاناً، إنما يريد نقمته وبوائقه؛ فعلى ذلك قوله: { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } عقوبته]. وبوائقه، التي تكون من نفسه لما يكن ذلك به لا بغيره، والله أعلم.
وقوله: { قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ }:
يحتمل: ما تخفوا من ولاية الكفار وتبدوه - يعلمه الله، فيه إخبار أن في قلوبهم شيئاً.
ويحتمل: أن يكون أراد جميع ما يخفون ويبدون { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } الآية.