التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ
٨٦
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
٨٧
وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ
٨٨

تأويلات أهل السنة

قوله: { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ }.
هذا يحتمل وجوهاً:
أحدها: لا أسألكم على ما أدعوكم من الشرف والذكر في الدنيا والآخرة من أجر، ولا أجد في الشاهد من يبذل للآخر من الشرف أو الذكر ولا يعطيه ذلك إلا بأجر، فكيف تتركون اتباعي ولا تقبلون ذلك مني؟!
أو يقول: لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من أجر، فيمنعكم ثقل ذلك الأجر وذلك الغرم عن إجابتي؛ كقوله - عز وجل -:
{ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } [الطور: 40] أي: لست تسألهم أجراً حتى يمنعهم ثقل ذلك الغرم عن الإجابة.
وقوله - عز وجل -: { وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ }.
قال عامة أهل التأويل: وما أنا ممن تكلف ذلك من تلقاء نفسي، ولا أمرتكم بما آمركم إلا بالوحي، والمتكلف عند الناس في الظاهر: هو الذي يفعل ويقول بلا إذن.
وقال أبو عوسجة: المتكلف: هو الذي يتكلف ما لا يعنيه ويفعل ما لم يؤمر به.
وجائز أن يكون قوله - عز وجل -: { وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ }، أي: ما أنا من المتحملين مما حملتم إذا خالفتموني، والله أعلم.
وقوله - عز وجل -: { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }.
أي: ما هذا القرآن وهذا النبأ إلا عظة وذكر لمن انتفع به.
وقوله - عز وجل -: { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ }.
يحتمل نبأ القرآن.
ويحتمل البعث والحساب، أي: يعلمون أن ذلك حق بعد حين.
ثم ذكر - عز وجل - في جهنم أنه يملؤها ولم يذكر في الجنة أنه يملؤها، فجائز أن يكون ما ذكر من الملء هو أن يضيقها عليهم، وفي التضييق زيادة في الألم.
أو أن يكون في سعة الجنة حكمة ولا يكون ذلك في جهنم؛ لأن السعة تطلب للنزهة والانتشار في البساتين وغير ذلك وليس ذلك في جهنم، والله أعلم بالصواب.