التفاسير

< >
عرض

وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٥
-النساء

تأويلات أهل السنة

قوله - عز وجل -: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم }.
وقال - عز وجل -: { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ } فقال بعض أهل العلم: لا يجوز تزوج الأمة حتى يعجز عن نكاح الحرة، ويخشى مع ذلك العنت، فإذا اجتمع الأمران فحينئذ يجوز أن يتزوج الأمة، ولا يجوز أن يكون تأويل الآية في هذا؛ وذلك أن الإماء أعز وجوداً اليوم من الحرائر، ويجد الرجل حرة يتزوجها بأدنى شيء ما لم يجد بمثله الأمة، إلا أن يقال: إن الإماء في ذلك الزمان أوجد، وإن الحرائر أعز، وإن مؤنة الإماء ومهورهن أقل، فخرج الخطاب على ذلك.
أو أنه لما نزل قوله - سبحانه وتعالى -:
{ وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ } [النور: 32] رغب السادات في تزويج الإماء بشيء يسير، فعند ذلك نزل قوله - تعالى -: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً... } الآية وإلا الأمر الظاهر ما ذكرنا أنهن أعز وجوداً من الحرائر وأكثر مؤنة، وأن الحرائر أهون وجوداً، ومؤنتهن أقل.
أو أن تكون الآية في الإنفاق عليهن، ليس في ابتداء النكاح، وهو أن الرجل إذا تزوج حرة لزمه أن ينفق عليها شاء أو أبى، فإذا عجز عن الإنفاق عليها يطلقها ويتزوج بأمة؛ إذ نفقة الأمة على سيدها ونفقة الحرة عليه، فأمر أن يطلق الحرة التي نفقتها عليه ويتزوج أمة تكون نفقتها على سيدها، هذا أشبه - والله أعلم - مما قاله أولئك.
أو أن يقال: إنه أراد بالنكاح الوطء، لا العقد والتزويج على ما قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
والنكاح اسم للوطء والتزويج جميعاً، قال الله - تعالى -:
{ ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً } [النور: 3] وتأويله الوطء، فكذلك الأول، ومعنى قول علي - رضي الله عنه - حيث حمل الآية على الوطء؛ لأنه قال لا يتزوج الأمة على الحرة. كأنه منعه من ذلك؛ لأنه قادر على وطء الحرة، ويتزوج الحرة على الأمة. يقول: يتزوج الأمة ولم يكن قادراً على وطء الحرة؛ فجاز نكاحه.
أو إن كانت الآية في ابتداء النكاح والتزويج؛ على ما قالوا: فليس فها حظر نكاح الإماء وبطلانه في حال الطول والقدرة؛ لأنه أباح نكاحهن في حال عدم الطول والقدرة، ومن أصلنا: أن ليس في إباحة الشيء وحله في حال - دلالة حظره ومنعه في حال أخرى؛ دليله: قوله:
{ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } [الأحزاب: 50] ليس فيه أنه لا يحل له إذا لم يؤت أجورهن، وقوله - تعالى -: { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } ليس فيه حظر الأربع وإن خاف ألا يعدل؛ فهذا يدل على أن حظر الشيء ومنعه [في حال] لا يوجب الحظر في حال أخرى، وإباحة الشيء في حال وحله لا يوجب منعه وحرمته في حال أخرى، على أن المخالف لما لم يجعل الإيمان المذكور في الآية شرطاً لقوله - تعالى -: { أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ } فإذا لم يصر الإيمان شرطاً في حال نكاح الإماء، كيف صار الطول والقدرة شرطاً فيه؟! إذ من قوله أن ليس له أن ينكح الأمة إذا كان له طول نكاح المحصنة الكتابية، [فلما لم يصر هذا شرطا في ذلك كيف صار الطول والعنت شرطا؟! وهذا يبطل قوله: أن ليس له أن ينكح أمة كتابية]؛ لأنه يقول: لأن الله - تعالى - شرط فيهن الإيمان بقوله: { مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ } فإذا لم يصر الإيمان شرطاً في المحصنات كيف صار شرطاً في الإماء، وذلك كله عندنا ليس بشرط.
فإن قال قائل: إن قول الله - تعالى -:
{ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ... } كذا [المجادلة: 4]، ليس ذلك شرطاً حتى لا يجوز غيره إذا كان له طول العتاق وقدرة الصوم ما ينكر أن يكون الأوّل بمثله.
قيل: صار ذلك شرطاً فيه؛ لأنه فرض لزمه بشريطة لم يكن له الخروج والتعدي إلى غيره، وأمّا النكاح: فليس هو بفرض لزمه بوجود الطول والقدرة والعتاق، وما ذكر فرض لزمه بوجود الطول والقدرة عليه، ويجوز الطعام، لكن لم يسقط الفرض الذي لزمه عنه؛ لذلك صار شرطاً فيه، والأول لم يصر.
فإن قال: ما معنى الآية إذن؟ قيل: معنى الآية على الاختيار والأدب، أو على الإنفاق الذي ذكرنا، أو ألا يختار نكاح الأمة على نكاح الحرة إذا كان له طول الحرة، على ما جاء عن عمر - رضي الله عنه -: قال: أيما حرّ تزوج أمة فقد أرق نصفه، وأيّما عبد تزوج حرة فقد أعتق نصفه. لا يختار نكاح الأمة وله إلى طول الحرة سبيل.
ويجيء أن يكون قوله: { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ } ألا يحمل على الزنا، ولكن يحمل على مخالطتهن الناس واسترقاق الأولاد، فإذا أمنه السيد عن استرقاق الولد، وعن ترك الاختلاط بالناس، فعند ذلك يتزوجها؛ إذ قلوب الناس لا تحتمل اختلاط أزواجهم بالناس واسترقاق الأولاد، فَحَمْلُ العنت على هذا أشبه من الزنا.
ومن الدليل - أيضاً - على ألا يعتبر الطول على التزوج على ما قالوا: إذا تزوج أمة ثم قدر على تزوج الحرة لم يفسد نكاح الأمة، وهو قول ابن عباس - رضي الله عنه - فعلى ذلك طوله في الابتداء على نكاح الحرة لا يمنع جواز نكاح الأمة، والله أعلم.
على أن عدم الطول في الأصل لا يمنع نكاح الحرة؛ إذ [المهر] شيء يلزم الذمة، وعدم النفقة يمنع الإمساك عنده؛ فدل أن الآية لعدم نفقة الحرة أشبه وأقرب من عدم طول مهر الحرة في الابتداء؛ على ما ذكرنا.
والأصل: أن كل أمر يجوز بشرط الاضطرار؛ فإن ارتفاع الضرورة يمنع البقاء، فإذا لم يمنع بان أنه لا على الحل بالضرورة، وعلى ذلك يختار لمن تحته حرة مفارقة الأمة؛ إذ بإمساكها رِقُّ الولد الذي يَقْبُحُ في العقل اختياره، ومخالطة الزوجة في الطبع نفار منه، فمثله في الابتداء - والله أعلم - مع ما قال الله - تعالى -: { وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } وليس عن الذي فيه الضرورة شرط الصبر، ثم القول واحد فيهن بملك المال وهو غائب عنه يخشى العنت إلى أن يبلغ ذلك أنه لا يمنع النكاح، وجميع ما له الحرمة، يستوي غيبة ذلك وحضرته: كنكاح الأمة على الحرة، والأخت على الأخت، ونحو ذلك، مع ما لو كانت خشية العنت تصير سبباً للحل في شيء لكان ملك الحرة التي هي عنه غائبة؛ إذ لم تصر الضرورة مبيحة، فإذن بان أن الحرمة لنفس النكاح في الوجود والحل لعدمه لا للسبيل إلى ذلك وغير السبيل.
ثم قوله - عز وجل -: { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ } إنما هو الضيق؛ كقوله:
{ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ } [البقرة: 220] أي: يضيق عليكم مخالطة الأيتام.
أو الإثم؛ كقوله - تعالى -:
{ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } [التوبة: 128] وكل رجل فيه وسع الاستمتاع فهو يخشى الإثم، فيجيء أن يباح له على كل حال، أو يرجع إلى الضيق؛ فيكون المقصود منه الإمساك دون العقد، والله أعلم.
ثم خشية الزنا يحتمل أن يصير شرطاً للحل، وقد حصل له عقوبة، فيها أبلغ الزجر لمن عقل من: رجم أو حد، بل يفرض عليه اتقاء ذلك بكل وجوه الإمكان، ومعلوم أن الله قد جعل عنه بغير النكاح سبيلا في الاستمتاع، أيضاً، وقد جاء - أيضاً - الأمر بالصيام بأنه له وجاء، فإنما خشية ذلك خشية حظر، لا حقيقة، فلم يجز أن يجعل عذراً لرفع الحرمات ولقدر عليه بالمباح من الصيام.
القول في قوله: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ } الآية، نقول - وبالله التوفيق -: تحتمل الآية وجهين:
أحدهما: طول عقد النكاح [من ملك المهر. والثاني: طول إمساك الحرة؛ للاستمتاع من النفقة والكسوة والمسكن، وهذا الوجه أحق؛ لأوجه: أن طول عقد النكاح] مذكور - أيضاً - في نكاح الأمة، بقوله: { وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } ومعلوم وجود الحرة بالمهر الذي يوصف في المعروف من المهور، بل لعل ذلك في الحرائر أوجد؛ إذ قد جاز نكاح الحرائر بالأشياء الضعيفة، ومعروف وجودهن في كل عصر بدون ما يوجد من مثله الإماء، فمحال أن يشترط في نكاح الإماء عدم ما لا يوجد السبيل إليه إلا بوجود ذلك، أو ما هو أعظم في الوجود.
وأمّا النفقة والمسكن فقد يكون بمال السيد دون أن يؤخذ به، وفي الحرة هي لا سبيل إليها إلا بمال الزوج، ففيهما بذكر الوجود، لا فيما يستوي الذكر فيه في المتلو.
ثم في الحاجة على ما عليه العرف فيه فضل، ولا قوة إلا بالله.
والوجه الثاني: ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"لاَ تُنْكَحُ الأَمَةُ عَلَى الحُرَّةِ" ولو كان يجوز نكاحها عند وجود طول الحرة، لم يكن للنهي عن ذلك بعد النكاح وجه؛ إذ ليس لذلك وجود؛ لما الطول يمنع وجوده.
والثالث: أن الذي به يجب النكاح ليس للوجود شرط فيه، والذي به الإمساك شرط؛ إذ قد يجوز بذمة من لا يملك شيئاً ولا يمسك بمثله، ثبت أن ذلك في حق الإمساك.
وبعد: لو كان يمنع بالذي ذكر، لكان جوازه بحق الضرورة، وهذا مما لا يقع به الضرورة، ثبت أن ذلك في حق الإمساك.
ثم لو كان التأويل على النكاح لم يكن في ذلك تحريم النكاح على وجود طول الحرة؛ لخصال:
أحدها: أن ذلك يوجب أن يكون نكاح الإماء يجوز بحق الإبدال والاضطرار، وذلك لا يحتمل حق النكاح؛ لوجوه:
أحدها: أن طريق ذلك طريق إباحة ورخص، والفروج لا تحتمل الإباحات؛ بل الإباحة توجب حد المبيح وعقوبته، وتجعل كمبيح ما لا يملكه.
والثاني: أن الحرمات التي كانت في جميع النكاح كانت ظاهرة لم يرتفع شيء منها لحاجات وكذا نكاح الإماء لو كان من المحرمات، بل الحكم أن كل امرأة لا تحتمل النكاح فهي لا تحل بملك اليمين، فلو قلنا: إنه لا يحل نكاحها لذاتها لم يحل في ملك اليمين، فإذا حلّت بأن ما ذكرت، وليس كالزيادة على الأربع؛ لأن تلك الحرمة لحق المنكوحة لا لمكان المرأة، وكذلك الأخت ونحو ذلك؛ دليل ذلك جواز ذلك لا بحق الإبدال والاضطرار، إذا عدم نكاح غيره.
وبعد: فإنه لم يجعل في شيء من الحل والحرمة المال؛ بل قال - تعالى -
{ وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً... } الآية [النور: 33]؛ صير العدم شرط الترك، وله قد يفسخ، لا أنه شرط الإباحة، فكذلك أمر نكاح الإماء.
والثالث: إذ الأصل في إضافة الحل والحرمة إلى حال أنه لا يوجب ضد ذلك في غير تلك الحال؛ بل هو في غيرها موقوف على قيام الدليل من ذلك المضاف إليه أو غيره، لا أنه يوجب ذلك؛ دليل ذلك أمور النكاح؛ قال الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم:
{ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } [الأحزاب: 50] لا أنه لو لم يؤتهن الأجور لم يحللن، وكذلك قوله - سبحانه وتعالى - { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } [المائدة: 5] وقال - عز وجل -: { فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ... } الآية؛ لأن الحدّ لا يجب لو لم يحصن، وقال الله - عز وجل -: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ } لا على جعل الإيمان شرطاً، وقال [الله] - عز وجل -: { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } [النساء: 3] لأن الأمة لا تحل إذا لم يخف العدل في الحرائر، وغير ذلك مما يكثر، إذ ليس في إضافة الحل إلى حال قطعه عن غيره، فمثله أمر النكاح فيما نحن فيه.
ثم احتج بعضهم بالآيات التي فيها:
{ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ } [المجادلة: 4]، { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } [النساء: 92]، لتوجيه ذلك الحق هاهنا وقد دخل جواب هذا فيما قلنا: إن الحكم في غيره موقوف على الدليل فيه منعنا لا بهذا، مع ما بينا دليل ما نحن فيه ليس بشرط؛ ألا ترى أنه ذكر شرط الإيمان في المحصنات؟! ومن لم يصر شرطاً وقد صار في الكفارات ونحو ذلك؛ فمثله ما نحن فيه.
ثم الفصل بين الأمرين يقع من وجوه:
أحدها: أن تلك بحق الإبدال والاضطرار؛ دليله: زوال حكمه عند الارتفاع وفي هذا إلا ألا يرتفع لنكاح الحرة؛ فلذلك اختلف الأمران، ولو جعلنا الأمر به في حال أو الإشارة بالحل إليها دليلاً على النهي عن ذلك كان نهيا عن نكاح الإماء في حال طول الحرائر؛ فلا يحتمل أن يكون النهي مبطلا للفعل لأوجه:
أحدها: أن المعنى الذي له يقع النهي كان معقولاً، وبمثله لا يحتمل الفساد، وذلك يخرج على وجهين:
أحدهما: أن يرق ولده.
والثاني: أن تخالط امرأته الرجال، وذلك بعض ما يشين الرجل.
ثم كان نكاح الزانية مع النهي عن ذلك يجوز، ومع الأمر بطلاقها ومعلوم أن ذلك أعظم في الشين؛ إذ قد ظهر به ما يخافه في المملوكة، ويصير ولده مشتوما بأمه ما هو أوخش في العقول من كل رق وعبودة ويقال له: يابن الزانية، وذلك - أيضاً - تلبيس النسب وشبهه، ثم لم يجب به الفساد؛ فأمر المملوكة بالأحرى.
وأيضاً لم يختلف على نهي الحرمة عن نكاح العبيد، وله يفرق الأولياء، ويصرف حق نسب الآباء إلى الموالي؛ إذ معلوم أن الطعن عليهن في الخلاف قبح منه عليهم، ثم لم يمنع ذلك جواز النكاح؛ فمثله ما نحن فيه.
وأيضاً إن الحرمة على وجهين: حرمة لنفس المنكوحة أو الاستمتاع وحرمة لحق النكاح، وكل محرمة لذاتها فهي لا تحل بملك اليمين ولا بملك النكاح، وما كانت الحرمة بحيث النكاح تحل، فإذا كانت الأمة تحل بملك اليمين ثبت أن حرمتها ليست لنفسها ولا للاستمتاع فهي تحل بملك اليمين، بل حلها في الأصل بملك النكاح أحق، إذ ليس إلا للاستمتاع، فإذا حلت به فبالأحرى أن تحل بالنكاح، ثم قد يحرم للنكاح أشخاص [لا يحر من للأموال بحال]، فكذا ما نحن فيه.
وقوله - عز وجل -: { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ }.
يحتمل وجهين:
يحتمل - والله أعلم -: حقيقة إيمانكم، وأنتم لا تعلمون ذلك.
ويحتمل - والله أعلم -: بإيمانكم، وغيره لا يعلم حقيقة ذلك.
وفيه لزوم العمل بالظاهر.
وقوله - عز وجل -: { بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ }.
يحتمل: بعضكم من بعض في الدين.
ويحتمل: بعضكم من نسب بعض؛ فهذا يدل على أن بعضهم من دين بعض، ومن نسب بعض؛ فليس لبعض على بعض فضل من جهة الدين والنسب؛ إذ نسبهم ودينهم واحد، وليس للحرة على الأمة فضل من هذا الوجه.
وفي قوله: { فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ }.
[قيل: إن قوله { أُحْصِنَّ } تزوجن، وقيل أسلمن.
فكيفما كان التأويل لم يصر الإحصان شرطا في لزوم ذلك العذاب]؛ لأنها إذا كانت على غير هذا الوصف لزمها ذلك الحكم؛ دل أن وجوب ذلك الحكم في حال على وصف - لا يمنع وجوب الحكم في حال أخرى على غير الوصف الذي وصف في تلك الحال، وهذا بالمخالف لنا ألزم؛ لأنه قال - عز وجل - في قوله:
{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ } [البقرة: 221] أن النهي وقع على جميع المشركات: كتابيات وغير كتابيات، ثم صار الكتابيات منسوخة بقوله: { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } [المائدة: 5] ثم قال: إذا كان له طول محصنة كتابية لم يحل له نكاح الأمة المؤمنة، وقد أخبر - عز وجل - أن الأمة المؤمنة خير من مشركة، وهو يقول: بل المشركة خير من الأمة؛ فهذا يدل على اضطراره في قوله على مذهبنا ما قلنا.
وقوله - عز وجل -:
{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } الآية [البقرة: 221]، على المشركات خاصة من غير الكتابيات عندنا؛ دليله: قوله - تعالى -: { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ... } [البقرة: 105] ذكر المشركات وذكر الكتابيات؛ دل هذا أن المشركات في هذه الآية غير الكتابيات، وقد ذكرنا الوجه في ذلك في صدر السورة ما يغني [عن] ذكره في هذا الموضع.
فإن كان ما ذكرنا - حل له أن يتزوج كتابية محصنة كانت أو أمة، وقد أقمنا الدليل على أن ليس في ذكر الإيمان فيهن دليل جعله شرطاً في جواز نكاحهن؛ على [ ما لم يكن في ذكر الإيمان] في المحصنات من المؤمنات دليل جعل الإيمان فيهن شرطاً.
وقوله: { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ }، أي: هو أعلم بحقيقة إيمانهن وأنتم لا تعلمون حقيقته، وإن كان أثبت لنا علم الظاهر بقوله - تعالى -:
{ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ } [الممتحنة: 10] أمرنا بالعمل بعلم الظاهر، لا بعلم الحقيقة بقوله: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } [الممتحنة: 10]؛ فهذا يدل على أن الإيمان هو عمل القلب، لا عمل اللسان؛ لأنه لو كان عمل اللسان لكان يعلم حقيقته كل أحد؛ فظهر أنه ما وصفنا.
وقوله - عز وجل -: { بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ } قيل فيه وجوه:
بعضكم من بعض في الولايات [في الدين]، كقوله تعالى:
{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [التوبة: 71].
وقيل: بعضهم من بعض في النسب؛ إذ كل منهم من أولاد آدم.
ويحتمل: بعضكم من بعض قبل الإسلام.
وقوله - عز وجل -: { فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ }.
أي: بإذن ساداتهن؛ سمّى السادات أهلا لهن؛ دل أنهن من أهلهم.
وفيه أن للمرأة أن تزوج نفسها إذا أذن لها وليها؛ [لأن الله - تعالى -] قال { بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } [فلو كان أهلهن هم الذين يُنكحونهن - لم يكن لطلب الإذن معنى.
وفيه أن للمرأة ولاية النكاح؛ لأنه قال: { بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ }] والمرأة إذا كانت [لها جارية] لها أن تزوج من غيره، وهذا في النساء أولى لأن الرجل إذا كانت له جارية - يستمتع بها ولا يزوجها من غيره، والمرأة إذا كانت لها جارية هي التي احتاجت إلى تزويج جاريتها؛ لذلك كان في هذا أولى.
وفيه أن ليس للعبد ولا للأمة أن يتزوج إلا بإذن السيد، وكذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلاَهُ فَهُوَ عَاهِرٌ" .
وقال بعض أهل العلم: قوله: { فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } إذا كنَّ مؤمنات؛ على ما سبق من ذكر الإيمان بقوله: { مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ } لكن هذا وإن كان نهياً عن نكاح الإماء إذا كن غير مؤمنات لم يدل ذلك على فساد نكاحهن إذا كن غير مؤمنات؛ ألا ترى أن النساء نُهِيْنَ عن تزويج أنفسهن من العبيد، وذلك مما يشينهن، ثم لم يمنع ذلك النهي عن التزويج منهم؛ فعلى ذلك لا يمنع شرط الإيمان فيهن والنهي عن نكاحهن - فساد النكاح ولا بطلانه، وكذلك الرجل نهي أن يتزوج كتابية حرة وهو واجد الحرة المؤمنة. ثم مع ما نهى عن نكاحها - إذا فعل ذلك جاز النكاح؛ فعلى ذلك الأول.
وكذلك قوله:
{ وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ } [النور: 32] ذكر الصلاح فيهم، ثم إ ذا كانوا على [غير] ذلك الوصف جاز؛ فكذلك الأول.
وكذلك قوله - عز وجل -: { مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ }.
ذكر الإحصان فيهن، ثم لم يصر الإحصان فيهن شرطاً في جواز النكاح؛ لأنهن إذا كن غير محصنات يجوز نكاحهن؛ فعلى ذلك الأول، ولو كان الطَّوْل والقدرة مما يمنع جواز نكاح الإماء - وجواز نكاح الإماء بمعنى البدل - لكان إذا تزوج أمة ولم يكن له طول على نكاح الحرة في ذلك الوقت، ثم كان الطول على نكاح الحرة - يجيء أن يفسد النكاح؛ لأنه إذا منع الابتداء يمنع القرار في ملكه؛ فإذا لم يمنع دل أنه ليس على حكم البدل؛ إذ الأبدال [لا قرار لها ولا ثبات] عند وجود الأصول؛ دل أنه ليس عنه؛ ولكن على الاختيار والتأديب ألا يختار نكاح الإماء على الحرائر والمسافحات على المحصنات، ولا يختار المشركات على المؤمنات.
فإن قيل: إنكم تمنعون من نكاح الأمة [على الحرة]، ثم لا تفسخون نكاح الأمة إذا كانت عنده أمة فتزوج حرة.
قيل له: إنما يمنع عن نكاح الأمة على الحرة لحقّ حرمة الجمع: كالجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، فأما إذا لم يكن ثَمَّ جمع لا يمنع، وهذا ليس بجمع.
وقوله - عز وجل -: { وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ }.
بإذن أهلهن على ما ذكر الإذن في النكاح بقوله - عز وجل -: { فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ }.
ويحتمل - أيضاً - أن يؤتى أجرها وإن لم يأذن له مولاها، إذا كانت الجارية ممن يحفظ مال سيدها ويتعاهده؛ إذ الناس يشترون المماليك لحفظ أموالهم وصون أملاكهم، نحو ما جاء من الوعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعيِّتِهِ، حَتَّى العَبْد عَنْ مَالِ سَيِّدِهِ" .
فإذا كان ما وصفنا - لا بأس بأن يدفع الأجر والمهر إليها إذا كانت هي ممن تحفظ ماله وتصونه.
ثم من الناس من استدل بقوله: { وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } على حقيقة الملك للمماليك، ويبيح لهم التمتع بالجواري، وبقوله - تعالى أيضاً -:
{ وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [النور: 32] لو لم يملكوهم حقيقة الملك - لم يكن لوعد الغني لهم معنى؛ لأنه لا يقع لهم الغنى أبدا، وكانوا لا يملكون؛ دل أنهم يملكون حقيقة الملك وأما عندنا فإنهم لا يملكون حقيقة الملك؛ استدلالا بقوله - تعالى -: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } [الروم: 28] أخبر أن ليس لهم فيما رزقهم شركاء مما ملكت أيمانهم؛ دل أنهم لا يملكون حقيقة الملك.
فإن قالوا: أليس يملكون التمتع في النكاح إذا ملكوا ما منع - أيضاً - أن يملكوا رقاب الأشياء إذا ملكوا؟
قيل: إن السادات لا يملكون من المماليك رقبة ما يتمتع به بالأسر؛ ألا ترى أن السيدة لا تملك من عبدها التمتع به؛ دل أن ملك ذلك للعبد خاصة؛ لذلك ملك ملك التمتع في النكاح.
وأمّا قوله - عز وجل -:
{ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [النور: 33] بغناء ساداتهم؛ إذ مقدار ما يطعمون ويشربون مما جعل لهم الانتفاع به.
وقوله - عز وجل -: { وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } ما ذكرنا من الإذن من أهلهن، أو لما جعل النهي حفظ الأموال.
وقوله - عز وجل -: { بِٱلْمَعْرُوفِ }.
قيل: مهر غير مهر البغي، وقيل: هو المعلوم.
وقوله - تعالى -: { مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ }.
قد ذكرناه فيما تقدم.
وقوله - عز وجل -: { فَإِذَآ أُحْصِنَّ }.
قيل: فإذا أسلمن.
وقيل: { فَإِذَآ أُحْصِنَّ }: فإذا تزوجن.
ويحتمل: { فَإِذَآ أُحْصِنَّ }: فإذا بلغن مبلغ النساء.
وقيل: { فَإِذَآ أُحْصِنَّ } أي: عففن، وتأويله - والله أعلم -: ما ذكره في أول الآية.
وقوله:
{ وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } [النور: 33] أنهن إذا تركن للتعفف، ولم يكرههن على البغي - فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب؛ فهن الحرائر؛ لأن عذاب المتزوجة إذا دخل بها زوجها - الرجمُ، ولا نصف للرجم، وإنما حد الأمة الجلد؛ فلا يجوز أن يكون المحصنات في هذا الموضع ذات الأزواج؛ لأن عذاب ذات الأزواج الرجم، ولا نصف له؛ دل أنه أراد بالإحصان: الإسلام.
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - وسعيد بن جبير، وجماعة من أهل العلم: أن لا حد على الأمة حتى تتزوج.
وأما عندنا: فإن عليها الحد؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بجلد الأمة إذا زنت وإن لم تتزوج؛ فذلك حجة لقول من قال: إحصانها إسلامها، وهو ما روي عن أبي هريرة، وزيد بن خالد، وشبل - رضوان الله عليهم - قالوا:
"كنا عند [رسول الله صلى الله عليه وسلم] فسأله رجل عن الأمة تزني قبل أن تحصن؟ قال: اجْلِدْهَا؛ فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا... ثم قال في الثالثة أو الرابعة: فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ" .
هذا الخبر يدل على أن الأمة إذا زنت تجلد وإن لم تتزوج.
وقوله - عز وجل -: { وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ }.
أي: وإن تصبروا ولا تتزوجوا الإماء فهو خير لكم؛ لأن أولادكم يصيرون عبيداً؛ فهذا يدل على أن قوله: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ } - كله على الاختيار، ليس على الحكم ألا يختار، [و] لا على أنه إذا فعل لا يجوز.
وقوله - عز وجل -: { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
يحتمل وجهين:
يحتمل: { غَفُورٌ رَّحِيمٌ }؛ حيث كفر عنكم ما ارتكبتم في الدنيا بالعذاب الذي يقام عليكم، ولم يجعل عذابكم في الآخرة؛ إذ عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، وذلك من رحمته.
ويحتمل: { غَفُورٌ رَّحِيمٌ } من رحمته أن يجعل الحدود في الدنيا زواجر عن العود إلى ارتكاب مثله من الأفعال.