التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٢٠
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ
٢١
-الأنعام

تأويلات أهل السنة

قوله - عز وجل -: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ }.
قيل: نزلت سورة الأنعام في محاجة أهل الشرك، إلا آيات نزلت في محاجة أهل الكتاب، أحداها هذه.
وجائز أن يكون أهل الشرك يعرفون أنه رسول كما يعرفون أبناءهم، ويكون الكتاب هو القرآن - هاهنا - لما قرع أسماعهم هذا القرآن، وأمروا أن يأتوا بمثله، فعجزوا عنه، وبما كانوا يختلفون إلى أهل الكتاب، ويسألونهم عن نعته وصفته، ويخبرونهم، فعرف أهل الشرك أنه رسول، كما عرف أهل الكتاب بوجود نعته وصفته في كتابهم.
وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال لعبد الله بن سلام: إن الله قد أنزل على نبيّه - عليه السلام - بمكة: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ }، فيكف يا عبد الله المعرفة؟ فقال عبد الله: يا عمر، لقد عرفته فيكم حين رأيته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان يلعب، وأنا أشد معرفة بمحمد مني لابني، فقال: كيف ذلك؟ فقال: أنا أشهد أنه رسول الله حق من الله، ولا أدري ما صنع النساء، أو ما أحدث النساء، [وقد نعت في] كتابنا. فقال [له] عمر: صدقت وأصبت.
وقوله - عز وجل -: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً }.
قال أهل التأويل: لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا، لكن هذا - في الحقيقة - كأنه سؤال واستفهام؛ كأنه قال: من أظلم من الظالمين، قال: من افترى على الله كذباً، يقال: من فعل هذا؟ قال: فلان، أو من قال هذا؟ قال: فلان، فهو - والله أعلم - على السؤال والاستفهام. ثم قيل الذين افتروا على الله كذباً: إن معه شريكاً كقولهم: إن مع الله آلهة أخرى.
وقوله - عز وجل -: { أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ }.
قيل: محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل: القرآن.
{ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ }.
قال بعضهم: إنه لا يفلح الظالمون بظلمهم، لكن عندنا قوله: { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } ما داموا في ظلمهم، أو نقول: لا يفلح الظالمون إذا ختموا وماتوا على الظلم والكفر.