التفاسير

< >
عرض

إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٦
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ
٥٧
وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٥٨
وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
٥٩
وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ
٦٠
-هود

حاشية الصاوي

قوله: { إِنِّي تَوَكَّلْتُ } أي فوضت أموري إليه واعتمدت عليه. قوله: { رَبِّي وَرَبِّكُمْ } هذا تبكيت عليم. قوله: (فلا نفع ولا ضرر إلا بإذنه) أي وأنتم من جملة الدواب، فليس لكم تأثير في شيء أصلاً. قوله: { فَإِن تَوَلَّوْاْ } شرط حذف جوابه لدلالة قوله: { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ } إلخ عليه، والتقدير فلا عذر لكم ولا مؤاخذة علي، فقد أبلغتكم إلخ. قوله: { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي } إلخ، هذا وعيد شديد مترتب على إعراضهم، والمعنى فإن تعرضوا عن الإيمان، فلا مؤاخذة علي، بل يقبلني ربي ويهلككم ويستخلف غيركم، ولا تضرونه شيئاً بإعراضكم، بل ما تضرّون إلا أنفسكم.
قوله: { إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } أي فلا تخفى عليه أحوالكم، بل يجازي كل أحد بعمله. قوله: (عذابنا) أي وهو الريح الصرصر المذكور في قوله تعالى:
{ { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ } [الحاقة: 7] الآية، فأصابهم صبيحة الأربعاء لثمان بقين من شوال، وكان يدخل في أنف الواحد، ويخرج من دبره، فيرفعه في الجو فيسقط على الأرض فتقطع أعضاؤه، وقد تقدم بسطها في الأعراف. قوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي وكانوا أربعة آلاف قوله: { وَتِلْكَ عَادٌ } مبتدأ أو خبر على حذف مضاف، كما أشار له المفسر، أي آثار عاد. قوله: (في الأرض) أي أرضهم. قوله: (وانظروا إليها) أي لتعتبروا، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته، ولكن المراد الأمة. قوله: (لأن من عصى رسولاً) إلخ، جواب عما يقال لم جمع الرسل، مع أنهم عصوا رسولاً واحداً وهو هود. قوله: { عَنِيدٍ } أي معاند متجاوز في الظلم. قوله: { لَعْنَةً } أي طرداً وبعداً. قوله: { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } (لعنة) أي طرداً على رحمة الله، وهي الجنة وما فيها، لاتصافهم بالشقاوة الدائمة الموجبة للخلود في النار. قوله: { أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ } هذا بيان لسبب استحقاقهم للعنتين.
قوله: { أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ } هذا هو معنى قوله: { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } وذكر تأكيداً وإشارة إلى أنهم مستحقون لذلك. قوله: { قَوْمِ هُودٍ } بدل من عاد، واحترز به عن عاد الثانية المسماة بثمود، وهي قوم صالح الآتية قصتهم بعد.